يرتدى محمد مرسى بدلة مبارك، نفس الشُّقق والمشروعات التى افتتحها مبارك يأتى مرسى ليفتتح مرحلتها الأخيرة كما قيل، هل هناك عاقل فى مصر يتخيّل أن هناك أى مشروع من أى نوع تم إنجازه فى عصر مرسى، وهو لم يُنهِ شهره التاسع بعد، وأن افتتاح المصانع والكبارى والمشروعات السكنية يحتاج إلى عامين على الأقل كى يفتتحها رئيس؟
فضلًا عن السؤال: وما أهمية كوبرى أو عمارة أو مصنع ليفتتحه الرئيس؟ أم أنها مجرد حالة ارتداء بدلة مبارك، فكما فعل نفعل، ألسنا مثله؟ منذ اليوم الأول الذى دافع فيه مرسى عن نفسه حين منح نفسه كل النياشين والأوسمة بأنه وإيه يعنى ما مبارك فعلها من قبل ومنح نفسه، من ساعتها ومرسى يرتدى بدلة مبارك رغم اتساعها عليه جدًّا!
فعلها أيضًا مع الشرطة.
فكل مدائحه الرخيصة للشرطة وكل خطبه المملّة عن الشرطة قيلت قبله بذات الحروف والنصوص من مبارك، وها هو يريد أن يستخدم (ويستخدم فعلًا) الشرطة لخدمة جماعته وحكمه، وليس أبدًا لخدمة مصر وشعبها، بل إن الأجهزة الأمنية التى كانت تُطارِد الإخوان ها هم الإخوان يستغلونها لمطاردة معارضيهم بذات الهِمّة وبنفس الخسّة!
الأمر الذى يعيدك إلى التاريخ، حيث كتالوج فَهْم مصر، وحيث إن الثورة بالثورة تُذكَر، فكما كتبت من قبل فقد صدر قرار بعد نحو أسبوعين من نجاح انقلاب يوليو الذى أصبح ثورة وهو إلغاء البوليس السياسى بجميع فروعه من المدن الرئيسية والأقاليم والذى كان يحمل اسمًا آخر هو القلم المخصوص، وهو الجهاز الذى كانت مهمته أن يطارد ويلاحق ويتنصّت ويعتقل السياسيين فترتها، صحيح أنه كان أقل توحشًا وأقل تكنولوجيا وأقل عددًا، إلا أن دوره كان قمع المقاومة الوطنية فى مصر وإجهاض أى تغيير حقيقى فى البلد.
طبعًا فشل بدليل انتشار عشرات الجمعيات السرية وقتها، فضلًا عن نجاح إحداها، وهى الضباط الأحرار، وأول قرار اتخذه الضباط بعد قرابة 12 يومًا من نجاحه هو إلغاء هذا الجهاز نفسه.
قطعًا انبسط الناس وفرحوا بهذا القرار، لكن هل منع هذا ثورة يوليو من القبض على المعارضين السياسيين؟
هل كان معناه أن مصر عاشت حياة ديمقراطية سليمة أو مريضة حتى؟
لا.
وكان طبيعيًّا أن تنشئ الثورة جهاز المباحث العامة ليحلّ محلّه ثم تتوّج دولة يوليو حالتها البوليسية بإنشاء جهاز أمن الدولة عام 1968!
ما معنى هذا؟
معناه أنه ليس مهمًّا وجود الجهاز من عدمه، المهم هو قيم الدولة ووجود الديمقراطية الحقيقية التى تجعل أى جهاز ليس شيئًا فى ذاته ما دام هناك منهج لعمله ورقابة عليه ومحاسبة له، الموضوع كما بدا إذن بعد وصول محمد مرسى للرئاسة ليس إلا تغيير أسماء، وإن هى إلا أسماء سميتموها!