تداولت صحف أمس خبرًا يفيد بأن الهيئات القيادية فى الست «الجماعة» السرية التى تحكمنا حاليًا بالعافية من مغارتها المظلمة، قرّرت زيادة إجراءات الحراسة والتأمين المصاحبة لتحركات مرشدها العام بعد واقعة الجدل والنقاش الحاد الذى دار قبل أيام بين هذا الأخير ومواطن مصرى شاب فى مطعم بأحد الفنادق الفخمة شرق القاهرة، وانتهت بترديد الهتاف الأكثر إثارة لحماس الناس هذه الأيام «يسقط يسقط حكم المرشد».
وقد لفت نظرى فى الخبر المذكور أن من بين الإجراءات الأمنية المشددة الجديدة التى أقرّها قادة الجماعة لحماية مرشدهم من المصريين، إضافة إلى تقييد وتضييق نطاق تحركاته فى الأماكن العامة وزيادة عدد الحراس الأشداء المرافقين له، أن هؤلاء قرّروا تغيير السيارة التى يمتطيها فضيلته بسيارة أخرى مزوّدة بزجاج معتّم من نوع «فيميه»، أسوة بما هو متّبع مع الأخ المرشد المساعد خيرت الشاطر «جدًّا»!
وما لفتنى وأدهشنى، ليس هذا النهج السلطانى الذى تتبعه جماعة سرية لا تخجل من التمسّح بالإسلام، بل استوقفتنى بالذات حكاية الزجاج «الفيميه» ولم أستطع مقاومة التفكير والانشغال بدلالة اللجوء إلى العتمة «الفيميهية» من أجل إخفاء هذا الرجل المرشد عن عيون خلق الله الذين ترقد جماعة فضيلته على صدور أهاليهم.
لكن ربما تعتقد حضرتك أن الدلالة والمعنى، فضلًا عن الأسباب، كلها واضحة جليّة ومتجسّدة ماديًّا فى الحالة الزفت وعيشتنا الهباب الراهنة، ومن ثَم لا ترى داعيًا لأى دهشة أو استغراب من أن تستعين الست الجماعة بتكنولوجيا «الفيميهات» السوداء المنيّلة بستين نيلة، فهى نفسها أصلًا ست قُدّت من «فيميه» أسود غطيس، تعشق العتمة وتسبح طول الوقت فى الإبهام وعدم الوضوح والظلام التام، فما الغريب إذن أن تستعين حضرتها بزجاج من لونها وجنسها، لتأمين هروب فضيلة مرشدها من غلاسات سكان مصر الجديدة ومدينة نصر وسائر أصقاع هذه البلاد؟!
والحق يا عزيزى أن عندك حق فعلًا، غير أننى لا أقصد ولم أستغرب فكرة التخفّى والهروب من الشعب عن طريق استعمال «الفيميه»، كل ما فى الأمر أننى أعرف أن قوانين المرور المعمول بها فى مصر تحظر الترخيص لسيارات مزوّدة بزجاج فيميه يحجب رؤية القاعد فيها.. صحيح أن الست جماعتنا السرية التى يرشدها جناب المرشد ومساعده «الشاطر» فى بزنس البقالة، منفلتة وخارجة عن كل نظم وقوانين الدولة المصرية «بل قوانين الدنيا كلها شرقًا وغربًا» إلا أننى كنت أظن أنها تحترم وتبجّل أحكام ونواهى قانون المرور بالذات، تسأل لماذا إن شاء الله؟! لأن «ذراعها» الرئاسية تذكرته هو وحده من دون باقى القوانين ووعدتنا بالسهر على حسّن تطبيقه وحل مشكلاته فى أول مئة سنة من حكم سيادته!
وبمناسبة القوانين والتراخيص وخلافه، يبدو أننا فهمنا خطأ مغزى الدعوات والإشارات والبيانات التى كان آخرها وأخطرها بيان معالى النائب العام «الملاكى» بشأن إطلاق مشروع «التقفيش العام» بين المواطنين المصريين بعضهم بعضًا، وتحويل دولتهم العتيدة من دولة مؤسسات إلى دولة ميليشيات وعصابات، فقد ذهبنا فى تحليل وتفسير الموضوع إلى أن الست جماعة الشر وأتباعها ما زالوا فى مرحلة السعى والتخطيط لتأسيس هذه الميليشيات والعصابات، ثم تبين أنها موجودة فعلًا ومحفوظة و«مجرَّشة» من زمان فى أقبية المخازن والمغارات، وأنها فقط كانت تنتظر إنهاء إجراءات الترخيص والشرعنة، فلما صدرت الإشارة وأُذيع البيان الانقلابى الأول من مكتب «تراخيص» الخراب والفوضى الكائن حاليًا فى دار القضاء العالى، ظهرت بسرعة وانتشرت كالوباء فى الدروب والشوارع!!
مرة تانية.. الله يخرب بيوتكم