بعد تصريح النائب العام بأن كل مواطن لديه حق الضبطية القضائية، أصبح لدى كل واحد فرصة أن يستعيد أيام الطفولة ويشترى بدلة الضابط التى طالما نام ليلة العيد محتضنها حتى يصحو يرتديها ليؤمِّن صلاة العيد ثم يبدأ فى إطلاق الرصاص على أصدقائه وفرقعة البمب فى جماجمهم الصغيرة، لديك الفرصة الآن يا صديقى أن تنزل العباسية لتمر بمحلات «الششنجى» لتشترى البدلة التى تناسبك وتختار الرتبة التى تُرضِى طموحك، ثم تمر على أى فرع لبيع سيارات نصف النقل الصينى لتشترى واحدة تسلمها إلى سمكرى يدخّلها الفرن ويُعيدها إليك بوكسا أزرق بعدها. يمكنك أن تمر على محلات عمرو الجميل فى عابدين لتشترى سارينة إيطالى تقلّب بيها الشارع، لكن احترس فهناك نوع سارينة قلّاب يُصدِر أصوات حيوانات، ساعتها سيتعامل معك الشارع كضابط بيطرى، إذا لم تجد السارينة المناسبة يمكنك أن تصطحب ابن أختك معك ليطلع برأسه من الشباك ليقوم بالمهمة «ويا وا ويا وا ويا وا.. افتح السكة قدام».
بعدها يا صديقى عليك أن تنزل ميدان الأوبرا لتزور محلات السجلانى لتجارة الأسلحة لتشترى حتّة بريتّا أصلى أو مسدس صوت على أدنى تقدير (الألمانى يعمل تلاتة تلاتة ونص)، إذا خانتك الميزانية يمكنك أن تسأل فى السيدة زينب عن أى حد يبيع لك قنبلة «المونة» وهى سلاح شعبى خطير (مكون من البارود والرولمان البلى وقطع الحديد الصغيرة) لكن احترس لأنها تشتهر بانفجارها غير المتوقع، لكن المتوقع أخطر بكثير علشان تبقى فاهم يعنى.
ناقص إيه كده؟
آه.. عليك أن تستيقظ مبكرا وتتجه إلى تقاطع المهندسين مع ميت عقبة عند نفق وادى النيل، ستجد جماعات من الفواعلية الأنفار يصلحون كجنود أمن مركزى بما حباهم به الله من صحة ولياقة، إذا كنت بحاجة إلى أمناء شرطة فعليك التوجه إلى جيم «المؤمن القوى» فى نزلة السيسى آخر الهرم ستجد هناك شبابا تجاوزوا المرحلة المتوسطة فى التعليم ولديهم فائض فى الوقت يقضونه فى محاولة لتحقيق حلم قديم (البنش بلاطة والبطن شيكولاتة) ليستغل المنتج النهائى فى التجربة لوجه الله. سيكلفك الأمر قليلا لأنك ستكون مطالَبا بتوفير موتوسيكل صينى لكل واحد، ساعتها لا بد أن تمر بمحلات زجمار فى بولاق أبو العلا، وسيوفر لك أكثر الموتوسيكلات صينية فى العالم، وستضرب ساعتها عصفورين بحجر فمن ناحية ستؤمِّن للأمناء الجدد وسيلة انتقال ومطارَدة، ومن ناحية أخرى ستتخلص منهم سريعا عند أول ملف سيتجاوزونه على سرعة 60 بالمكنة الصينى وأهو تبقى ريّحت العالم من شرورهم.
لن تستطيع أن توفر قنابل غازات مسيلة للدموع للأسف، لكنك تستطيع أن تزور «مصلحة الكيمياء» الموجودة فى الإسعاف أمام نقابة المحامين وتبحث عن أى كيميائى عليه أقساط وتطلب منه أن يعدّ لك قنابل من غاز «كبريتيد الهيدروجين» الرخيص فى تكاليف إعداده، غاز كبريتيد الهيدروجين إذا كنت لا تعرفه له رائحة البيض الفاسد أو على وجه الدقة له رائحة غازات حفنة من مراهقين فطروا بهذا البيض الفاسد ثم اتقفل عليهم باب الفصل فى مدرسة حكومية، وهو فاعل جدا يمكنك ملاحظة ذلك من مستوى خريجى مدارس التعليم المجانى.
عليك بجريدة «الوسيط» يوم الجمعة، ستجد فى باب شقق للإيجار ق.ج ما يلائم ميزانيتك، اختر واحدة لتحولها إلى نقطة شرطة، عليك أن تبحث عن واحدة دور أرضى حتى يسهل عليك سحل المقبوض عليهم، أو يمكنك البحث عن حاجة دوبلكس وليس مهما أن يكون التشطيب كاملا، يكفيك فقط التأكد من وجود أهم ما يحتاجه القسم دائما.. الكهرباء.
عند سيد ممدوح الخطاط الشهير فى الجمالية يمكنك أن تختار فرخ بلاستيك متر فى متر ونص ليصنع لك منه لافتة كبيرة تضعها على واجهة القسم تحمل اسمك ووجهة نظرك فى الخدمة التى تقدمها.. أقترح عليك مثلا «قسم التنجيد فى النور.. اختراع يا كوتش».
الآن لديك بدلة وسلاح وبوكس وقسم شرطة ومجندون وأمناء شرطة وضبطية قضائية وفَّرها لك النائب العام كتّر خيره، تستطيع أن تغيّر العالم يا صديقى، أخيرا تحققت نبوءة باولو كويلو وظهرت اللحظة السحرية، واتضح معنى نصيحة الشيخ حازم لنا «أدركوا اللحظة الفارقة»، أو كما قال المناضل التونسى العجوز «لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية»، فانطلقْ يا صديقى وافْرح.
أسمعك وأنت تتساءل: كيف ستموّل كل ما سبق؟ يمكنك يا صديقى أن تتقدم بطلب إلى «كوكا كولا» لتكون الراعى الرسمى لمشروعك تحت إطار مشروعها الخيرى العظيم «اتجنن»، هو فيه جنان أكتر من كده؟