
يشارك الفيلم الوثائقي "عود خيزران" في مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية، حيث يكشف استهداف إسرائيل للصحفيين الفلسطينيين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
المشهد الأول: أصوات صراخ وإطلاق نار، وعينان شاردتان ترى ماضياً ليس بالبعيد، إنه إنسان ممدّدٌ وسط أرض واسعة يرتدي درعًا كتب عليها "press" والتي تعني بالعربية "صحافة" وبجواره سقطت - كما صاحبها - الكاميرا الخاصة به.
جسده ينتفض بقوة بين الفينة والأخرى نتيجة لتلقيه رصاصات عدة من دبابة إسرائيلية، بقي بمفرده ولا أحد يستطيع الوصول إليه رغم كثرة من حوله.
المشهد الثاني: أرواح تحترق وتلفظ أنفاسها الأخيرة في مشهد مروع داخل سيارة نشب فيها حريق دمرها بالكامل بفعل أحد الصواريخ التي تمطرها الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة كلما أرادت، هم ثلاثة من كانوا ضحية ذلك الحريق؛ صحفيان ورفيقة دربهم الكاميرا.
مشهد ثالث: أيادٍ مجتمعة تحفر بسرعة في ركام منزل سقط على رأس أصحابه بفعل صاروخ من طائرة إسرائيلية، وتُخرج جسد طفلين بعمر الزهور مغطيين بالغبار والتراب، ولا تكاد ترى ملامحهما، ويتحرك الجسدان الصغيران بأيدي حامليهما يمنى ويسرى بسهولة فلا حياة فيهما الآن.
تلك المشاهد السابقة وغيرها الكثير على مدار ثلاثين دقيقة هو ما يتحدث عنه الفيلم الوثائقي الفلسطيني "عود خيزران"، الذي أنتجته فضائية الأقصى بغزة.
وتدور أحداث الفيلم حول "العدوان الأخير" الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة، نهاية العام الماضي، حيث يظهر مدى وحشية هذا الهجوم، وقصفه للمدنيين والصحفيين، وفق الصحفي الجريح عماد غانم بطل الفيلم.
ويقول بطل الفيلم "نريد أن يرى العالم أجمع معاناة الصحفي الفلسطيني أثناء نقله للأحداث من استهداف مباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، من خلال مشاهد حقيقية موثقة يعرضها الفيلم".
ويظهر الصحفي الجريح بطل الفيلم وهو يحاول أن يستمر في عمله بأي طريق حيث يقوم بمتابعة كل ما يحدث ويبث على الفضائيات ومن ثم يوثقه على كاميرا جواله وينشره على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
كما أن عماد غانم هو صاحب المشهد الأول الذي ذكر في بداية التقرير ومازال إلى الآن يمارس مهنة الصحافة، ويعمل كمنسق لإدارة الإنتاج في فضائية الأقصى.
وعماد غانم، الشاب، قمحي البشرة، والذي يستعين في المشي على قدمين صناعيتين وعكاز، هو صحفي فلسطيني أصيب في 5 يوليو/تموز 2007 أثناء تغطيته لاجتياح إسرائيلي في منطقة البريج وسط قطاع غزة، حيث أصيب برصاصة قناصة إسرائيلية في قدمه، ومن ثم بثلاث رصاصات من دبابة إسرائيلية وبقي ينزف دون أن يسمح بإسعافه لمدة 35 دقيقة، و على إثر ذلك بترت ساقاه.
بدوره يوضح علاء العالول مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، رسالة الفيلم بقوله: "نهدف من خلال الفيلم إلى إظهار الغطرسة الإسرائيلية في استهداف المدنيين وخاصة الصحفيين العاملين على كشف الحقيقة".
ويضيف العالول: "اخترنا اسم (عود خيزران) لأنه يعني أننا قد ننحني ونتألم ونفقد لكننا بكل تأكيد سنعود أقوى مما كنا".
ويبيّن العالول أن فيلمه "عود خيزران" مشارك في مهرجان الجزيرة الدولي التاسع للأفلام التسجيلية في أبريل/ نيسان المقبل.
ويشير إلى أن اختيار الصحفي عماد غانم بطلا لـ "عود خيزران" يهدف إلى "التأكيد على أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين قديمة وليست بالجديدة".
وشنت إسرائيل عدوانا على قطاع غزة في 14 من نوفمبر ثان العام الماضي استمر ثمانية أيام متواصلة قبل أن يتم إعلان وقف إطلاق نار بين الطرفين برعاية مصرية.
وقتلت الطائرات الإسرائيلية خلال العدوان عددًا من الصحفيين، واستهدفت عدة مؤسسات إعلامية.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية سيارة كان يستقلها اثنين من مصوري قناة الأقصى الفضائية مما أدى إلى مقتل الصحفيين حسام سلامة ومحمد الكومي، وهما ما يتحدث عنهما المشهد الثاني من الفيلم الوثائقي.
كما قتلت الطائرات نفسها الصحفي محمد أبو عيشة مدير أحد الإذاعات الفلسطينية قبل ساعة من إعلان وقف إطلاق النار في 21 نوفمبر 2012.
واستهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية كذلك، عدة مؤسسات صحفية، منها مكتب قناة القدس الفضائية مما أسفر عن بتر ساق مصورها خضر الزهار وإصابة بعض أعضاء الطاقم.