بينما تعيش ربوع الوطن فى حريق وتتبدد أوصاله، اتجه عدد من النجوم للهروب من الدراما بعد أن ضاقت الفرصة إلى البرامج. هل هو مورد رزق جديد أم أنه وسيلة لإثبات الحضور أم لعله فرصة ذهبية لتصفية الحسابات.. أعتقد أنه كل ذلك!!
قليل هم الفنانون الذين يعبرون عن حقيقة آرائهم وما يجيش فى أعماقهم، والأغلبية يبحثون عن مزيد من الأموال، حتى ولو كان الثمن هو بيع مزيد من الفضائح، بل بعضهم صار يردد من أجل إقناع الزبون «اشترِ ثلاث فضائح بثمن اثنتين».
تقلص عدد المسلسلات الدرامية المنتجة هذا العام بسبب ضبابية سوق التوزيع، وكثيرا ما قرأنا أن أكثر من مسلسل تراجع صُناعه عن تصويره بعد أن دفعوا العربون للنجوم خوفا من خسارة وشيكة. وعلى الفور لم يرضَ أغلب النجوم بالوقوف فى انتظار ما لا يأتى، وهكذا انتعش على المقابل سوق البرامج التى يقدمها الفنانون وشاهدنا جحافل منهم وهم يتزاحمون عبر القنوات، وعندما ضاقت بهم الشاشات، صار الوجود فى البرامج الرمضانية واحدا من الأهداف الاستراتيجية التى يسعون لتحقيقها.
كنا نتابع تلك البرامج من خلال نغمة ثابتة تتكرر وهى العزف على وتر الانقلابات السياسية ما بين الثورة والفلول كان هو -التيمة- الرئيسية بعد ثورات الربيع العربى، هذه المرة عاد الحنين مرة أخرى لبرامج النميمة، عدد منها يجرى تصويره فى القاهرة وبيروت ودبى وتفوح من كواليسها الآن تلك الرائحة.
الكل يعلم أن الفنان يأتى لتلك البرامج من أجل حفنة آلاف من دولارات، مقابل أن يجرؤ على فتح النيران على نفسه وزملائه، وكلما فتح أكثر نجح البرنامج أكثر وفى نفس الوقت وجد أنه مطلوب فى قنوات مماثلة وبمبالغ أكبر!!
إنه نوع من «البيزنس» التجارى مهما غلفه البعض بشعارات مثل قول الحقيقة العارية، وأنه لا يريد أن يكتم شيئا فى قلبه ولا يعلمه جمهوره الحبيب، وأنه يبغى الحق ولا شىء غير الحق. وبعدها تنفلت ماسورة الكلمات المتجاوزة ضد كل الفنانين وعبر كل الفضائيات ولا شىء من الممكن أن يتصدى لحالة الانفلات اللفظى إلا بمزيد من الانفلات اللفظى.
بالتأكيد لا أحد فوق التقييم والانتقاد، أم كلثوم تعرضت فى حياتها تصريحا وتلميحا لهذا الاتهام وهو أن أغنياتها سبب هزيمة 67، وعلى صفحات الجرائد قال وقتها الموسيقار محمود الشريف «إن أغانيها أسهمت فى انتشار المخدرات فى مصر»، وأن هذا هو سر النكسة التى منيت بها مصر قبل نحو 46 عاما!!
وجمال سلامة قال فى الثمانينيات من القرن الماضى إن المطرب الشعبى الريس متقال قناوى متقال لديه ثقافة موسيقية أكثر من الموسيقار محمد عبد الوهاب.
صباح تخصصت فى الحديث عن عديد من أزواجها الذين خانوها، وألمحت إلى خيانتها لبعضهم. مريم فخر الدين تكرر هجومها ضد فاتن حمامة.. تُطل مريم عبر الفضائيات لتقول لا، لسنا جوارى حتى تُصبح فاتن حمامة هى سيدة الشاشة.
نجوم هذا الجيل ملعبهم الأساسى هو بيع أدق أسرار حياتهم الشخصية: حب وخيانة وشيكات دون رصيد وتعاطى مخدرات، ولا يمكن أن تعتبرها أسلوبا فى العلاج النفسى أو التطهير الداخلى عن طريق البوْح، لأن الحقيقة هى أنهم يبوحون ولا يتطهرون، والدليل ستجده فى العام التالى عندما يذهبون إلى برنامج مماثل ويكررون نفس الحكايات مع إضافة نكهة مختلفة وطعم «سبايسى»!!
عدد قليل جدا من الفنانين يحرصون على أن لا يورطهم أحد فى أحاديث شخصية، مثل فاتن حمامة ويحيى الفخرانى ومحمود عبد العزيز، يرفضون تلك النوعيات من البرامج، بينما فيروز تغلق تماما هذا الباب مهما كان الإغراء المادى حتى البرامج التى تتناول التاريخ الفنى دون أن تتطرق إلى الجانب الشخصى مرفوضة أيضا.
مثل هذه البرامج تنعش المحطات الفضائية التى تتهافت على شرائها لما تحققه من كثافة إعلانية.. ولا ألوم المذيع الذى ينقب ويعثر على الفضائح.. ولكن ألوم على الفنان الذى يوافق على هذه الصفقة فهو يقبض المبلغ الذى يساوى فضيحته، ويبقى فى الجعبة نوع آخر وهو برامج المقالب التى يشارك فيها الفنانون، وهم يعلمون أنهم بصدد لعبة مكشوفة، والجمهور من الوهلة الأولى يدرك أنها مكشوفة، إلا أنهم وحتى تكتمل الشروط يصدّرون للجمهور كم هم سُذج والدليل أنهم لم يكتشفوا المكشوف، وكله بثمنه فى مزاد الفضائح العلنى!!