ضحكت وكدت أستلقى على ظهرى فى نوبة قهقهة تملكتنى، من عبارة لكاتب إخوانى منشورة فى أعرق جريدة مصرية، شاء حظ الجريدة البائس أن يكتب فيها عمودا يوميا، عبارة تقول «إن جبهة الإنقاذ تصر على مقاطعة الانتخابات، حتى تحرم مصر من عودة الأموال المصادرة فى سويسرا، وكانت الحكومة السويسرية قد رهنت النظر فى أمر تلك الأموال بالانتخابات البرلمانية المقبلة».
وإذا كان شر البلية ما يضحك، فلم يحدث أن أصيبت مصر ببلاء فى العصر الحديث أخطر من بلاء حكم الإخوان، وهذا يسهل التدليل عليه وإثباته علميا وعمليا، وكلام كاتب العمود جزء هين من الأدلة، فهم يهربون من مواجهة الحقيقة إلى إلقاء التهم والمسؤولية على أطراف أخرى، عادة قديمة صاحبت كل تصرفات الجماعة منذ نشأتها، بل إن مؤسس الجماعة نفسه مارس هذه اللعبة حين وصف قتلة محمود فهمى النقراشى بأنهم «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»، كى يبرئ الجماعة وجهازها الخاص من الجريمة النكراء!
وإذا كان الإخوان يسعون إلى عودة الأموال المنهوبة من سويسرا، فلماذا لا يصنعون توافقا وطنيا ينهون به هذا العنف الشديد ويؤسسون قانونا عادلا لانتخابات البرلمان، بديلا عن القانون الحالى المشبوه بعدم الدستورية؟! طبعا لأن هذا النوع من الأسئلة المحرمة لا يرد على عقول أدمنت الطاعة وتغذت عليها!
نعود إلى كاتب العمود، وهو دليل حى على فكرة «الأخونة» التى تمضى فيها مؤسسات الدولة منذ قدوم الرئيس محمد مرسى إلى الحكم، وبدأت برؤساء تحرير الصحف العامة، ثم مجالس إدارات المؤسسات الصحفية، وبعضهم لا يملك تاريخا على الإطلاق ولا يصلح أن يدير «محل بقالة»، وأحدهم يكاد يدمر المؤسسة العريقة!
ومن الصحف العامة راحت الأخونة تتسلل من الشقوق والسراديب إلى مختلف الوظائف، حتى وصلنا إلى محطة رئيس جهاز مدينة «مارينا»، وقد عُيِّن قبل أسابيع قليلة!
نحن أمام عملية سطو على الدولة، بينما نحن مشغولون ومنشغلون ومهمومون وغارقون تماما فى «أعمال العنف» التى تضربنا فى مقتل، ولا نعرف لماذا لا يحاول الرئيس على الإطلاق أن يبادر بأفكار جديدة لوقفها، إلا إذا كانت على الهوى!!
وأخشى أن تأخذنا هذه الحرب دائرة إلى موضع نجد فيه الدولة المصرية وقد راحت منا، فالرئيس وجماعته غير معنيين يإنهاء العنف، أو إدارة عجلة الاقتصاد بطريقة صحيحة، أو اتخاذ أى قرارات مهمة تعيد الاستقرار إلى الوطن، ما يهمهم هو التمكين، تحت غطاء ودعم من الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجى!
وأتصور أن مكافحة الأخونة معركة حياة، علينا أن نخوضها فورا، صحيح أننا فى كارثة تهدد مصر لأول مرة فى تاريخها بالتفكك، لكن يجب أن نخوض معارك الحفاظ على الوطن على كل جبهات الحياة، من أول تعديل الدستور إلى وقف الأخونة، وأول خطوة هو تشكيل جمعية شعبية أو منظمة شعبية باسم مكافحة الأخونة، بداخلها فريق قانونى من محامين حاليين ورجال قضاء سابقين، يتبعهم فريق بحث على صلة مباشرة وقوية بالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى فى كل المحافظات، فريق يجمع المعلومات عن التعيينات الجديدة فى الوظائف العامة بالوزارات والهيئات والمؤسسات، ودراسة مدى مطابقتها لمعايير الشفافية ومسوغات التعيين من كفاءة وشهادات وسنوات خبرة.. إلخ، وملاحقة أى شخص يعين فى وظيفة لا يستحقها ومتجاوزا من هم أجدر منه، حسب ملفات الخدمة والسمعة أو لأسباب تتعلق بانتماءاته السياسية والحزبية. طبعا ملاحقة قضائية يكون فيها الأشخاص الأحق بالوظيفة طرفا أصيلا فى القضية، وترفع بأسماؤهم، حتى تكون من مواطنين لهم صفة تمنحهم الحق فى التقاضى، يصاحب ذلك النشر بتوسع فى الصحف الخاصة والحزبية، وبفضحها أيضا على شاشات الفضائيات!
والسؤال الآن: وكيف نمول هذه الجمعية أو المؤسسة التى تكافح الأخونة؟
بالقطع من جيوب المصريين الذين يودون الحفاظ على «مصر» ونسيجها الوطنى ضد التشوية وتغيير هويتها التى صبغت بها من آلاف السنين، وهؤلاء مصريون كثر ومستعدون لفعل أى شىء للحفاظ على بلادهم ضد من يعملون وينقذون سياسة أعلنوها دوما وهى «طز فى مصر وأبو مصر»!
والبداية من الملف الموجود مع الدكتور يونس مخيون، وهو ملف موثَّق بالأسماء والوظائف.
ونكرر أنه من حق حزب الأغلبية أن يسود فى الوظائف السياسية المرتبطة بصندوق الانتخابات، حتى لو أخذها كلها، لكن ليس من حقه أن يجور فى الوظائف العامة الفنية، التى لا ترتبط بصندوق الانتخابات، مثل رئيس جهاز مدينة مارينا وغيرها من المؤسسات والهيئات.
ولا يجوز التهاون فى هذا الملف!