«لو مت يا أمى ماتبكيش.. راح أموت علشان بلدى تعيش. افرحى ياما وزفينى وفى يوم النصر افتكرينى».. «فدائى»، أغنية عبدالحليم الشهيرة التى غناها فى زمن حرب الاستنزاف والتى ارتبطت سنوات بمشاعر كل من ينضم للجيش أو للشرطة. كان يتحدث عن عدو يتربص، وشعب قرر أن يتصدى له. وقتها كانت النساء يربين أطفالهن على أن الجندية فخر والشرطة فى خدمة الشعب، ويشترين للأطفال فى الأعياد بِدَل ضباط يرتدونها لأنهم كانوا يحلمون جميعاً عندما يكبرون بأن يصبحوا ضباطا. اليوم، الوضع اختلف. الشرطة أُجبرت على الوقوف أمام الشعب.. أُجبرت على استخدام القوة، وعلى استخدام الغاز الذى تستنشقه قبل الآخرين. يستشهد من أبنائها من يستشهد، وتبقى الأمهات والزوجات على أعصابهن بانتظار عودة ابن مصاب او جثمان زوج. ومن يَقتل ومن يُقتل بالفتحة وبالضمة.
المصرى يقتل المصرى، الشرطى يقتل المتظاهر، والمتظاهر يرمى الشرطى بالحجارة والمولوتوف، وإحساس متبادل بالكراهية، وكأن الحرب قد قامت بين الطرفين. ومنذ أكثر من شهر حذرت وطلبت من الشرطة عدم الاستجابة للمواجهة التى تفرضها القيادة السياسية على الشعب، وقتها اتهمت على صفحات التواصل الاجتماعى بأننى أحرض الشرطة وأطالبها بعدم تنفيذ الأوامر.اليوم تمرد قوات الأمن فى أنحاء مختلفة من المحروسة التى أصبحنا نشعر وكأنها الممسوسة أو المنحوسة أو المغضوب عليها. وعندما تعترض الشرطة لا بد أن يحدث أمر جلل. هكذا تكون النتيجة عندما تستخدم السلطة سلاحها ضد شعبها وتنعت الغاضبين منهم بالبلطجية.. أى سلطة تلك التى تدفع بأبنائها للاستشهاد على يد أبنائها الآخرين؟ هى سلطة تزف أولادها، شرطة وشعباً، فى نعوش. ولا عزاء لأمهات الشهداء من الطرفين.