خذ عندك هذا السؤال:
ما اسم زوجة إبليس؟
وانت مالك.. وما لزمة هذا السؤال.. وتفرق إيه يعنى.. ما الذى يضيف لك أو يحذف منك لو عرفت هذا الاسم؟ ولا أى حاجة، ومع ذلك فأنت تقابل كل يوم فى كل مكان أسئلة من هذا الصنف، الذى هو طبقا لحديث النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- علم لا ينفع، وجهل لا يضر، من هنا فإن رجلًا تلقى هذا السؤال: ما اسم زوجة إبليس؟ فأجاب بمنتهى الثقة: معلهش أصل ماحدش عزمنى فى الفرح!
قلت هذا الكلام ذات مرة فى حلقة تليفزيونية يبدو أنها حازت على نسبة مشاهدة رائعة، فكلما ذهبت بعدها إلى مكان أو قعدت فى قهوة أو صادفت قريبا لى لم أره منذ فترة، ابتسم ورحب بى ثم نفحنى السؤال الذى يضغط على أعصابه ولا يقدر على حرمان نفسه من سؤاله لى:
- إنما يا أستاذ إبراهيم.. اسم مرات إبليس إيه؟
كنت أظن فى البداية أنهم بيهزروا، وأن المعنى التهكمى الساخر الذى انتقدت به هذا السؤال وأصحابه قد وصل واضحًا، لكن بعد شوية ألاقى السؤال ملحًّا ومكررًا، داهية ده سؤال بجد! واضح إنه مافيش فايدة، ولا كأنى قلت حاجة، وآخر ما زهقت وفى المرة المئة التى سمعت فيها السؤال، قررت أن أتخلى عن عنادى ومحاولتى إفهام الناس أنه سؤال فارغ وكلام تافه، فأصبحت أجيب: اسمها إبليسة.. ارتحتوا!
وقد أحصى بعض العلماء أشهر نماذج العلم الذى لا ينفع فى أسئلة أهمها:
- ما أسماء أصحاب الكهف؟
- وما لون كلبهم؟
- وما عدتهم؟
- ومن أى الشجر كانت عصا موسى؟
- وما أسماء الطيور التى أحياها الله لإبراهيم؟
- وأين يوجد وادى النمل الذى ورد فى قصة سليمان -عليه السلام- فى القرآن الكريم؟
وفى عهد أى من الفراعنة عاش موسى -عليه السلام- رمسيس الثانى أم أمنحتب أم...؟
لكن كله كوم وما حدث فى قصة حرق سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كوم آخر، فقد ترك الناس عظمة وعظة القصة والموقف المهول الذى واجهه أبو الأنبياء نبى الله إبراهيم عندما ألقاه النمرود وعبدة الديكتاتور فى النار وسألوا عن اسم الحيوان الذى استخدم فى نقل الحطب الذى تم به إشعال النار، فقالوا إنه: البغل، وإن نبى الله إبراهيم -عليه السلام- دعا عليه فأصبح حيوانا عقيما لا ينجب!
السؤال الآن: لماذا ينشغل كثير منا بهذه الأسئلة التافهة؟ ولماذا تحولت برامج الفتاوى والدين فى الفضائيات إلى سنترال للثرثرة الفارغة حول علم لا ينفع وجهل لا يضر؟ لكن يبدو أن تجار الدين فى مصر والمتلاعبين فى عقول العامة يحترفون حَرْفَ الناس عن جوهر الدين وأصول العقيدة وإشغالهم بالأمور الشكلية والموضوعات البلهاء، والأسئلة التى لا تودى ولا تجيب، وتفرغوا للهايفة وتصدروا.. وربنا ما يحرمهم من الخيابة!