العاملون فى شركة أوراسكوم نظموا وقفة احتجاجية لدعم رجلى الأعمال أنسى وناصف ساويرس. قطع الآلاف منهم طريق الكورنيش منددين بمحاولة مصلحة الضرائب الانتقام من رجل الأعمال العتيد. من المعتاد أن ينظم العمال وقفات احتجاجية ضد أصحاب الأعمال، ولكن تلك الوقفة قد تساعد على أن يعرف المصريون من هو أنسى ساويرس الذى تحاول الحكومة الانتقام منه. يعرف العمال دائما وبشكل عفوى الفرق بين من يمتص دماءهم ليكبر وحده، ومن يضع يده فى أيديهم ليكبر الجميع معاً. أصحاب القرار فى مصر لا يهتمون كثيراً بتشجيع الاستثمار قدر اهتمامهم برعاية صفقات تجارية يبرمها رجال أعمال النظام الجديد مع بعض رجال الأعمال المصريين للاستحواذ على أصولهم الاقتصادية أو مشاركتهم فى أرباحهم تحت شعار «حريتك أو فلوسك». لا يمكن أن أفهم تلك الاجتماعات التى تعقد فى أوروبا وأمريكا بين الإخوان وبعض رجال الأعمال المصريين إلا على هذا الوجه. من يختر حريته ويقبل مشاركة الجماعة فى أصوله وأرباحه فأبواب مصر مفتوحة، فى حين تقوم أجهزة الدولة المختلفة «بتليين» موقف من يرفض «التعاون». أنسى ساويرس المولود فى الثلاثينات من القرن الماضى، الذى بدأ حياته فى الخمسينيات مؤسسًا لشركة مقاولات صغيرة وهاجر إلى ليبيا فى الستينيات ليعود فى منتصف السبعينيات ويؤسس امبراطورية صناعية وتجارية هائلة، يبدو أنهم من الذين يرفضون «التعاون». يؤمن أنسى ساويرس بالمسؤولية الاجتماعية لرأس المال. فى عام ٢٠٠١ أسس برنامجاً للمنح الدراسية من خلال مؤسسة ساويرس وبالتعاون مع هيئة «امدايست» تعمل على توفير المنح الدراسية السنوية للطلاب المصريين فى جامعات هارفارد وستانفورد ومعهد ماسوشوتس للتكنولوجيا. ترعى مؤسسته الخيرية مئات الجمعيات والمبادرات المهمة.
محاولات الإخوان تأميم الاقتصاد المصرى بعد محاولتهم تأميم السياسة المصرية لا أظنه ينجح. رجال الأعمال المنتمون إليهم يمكن أن يديروا محال بيع المواد الغذائية بالجملة أو محال الملابس، ولكن قدرتهم على إدارة اقتصاد مرتبك فى ظرف سياسى يتسم بالعنف وعدم الاستقرار معدومة. شاهدنا قدرات مستشارى الرئيس القانونيين. لا أظن أن قدرات مستشاريه الاقتصاديين أفضل. انهارت البورصة عقب منع أشهر رجل أعمال مصرى من السفر، وهى تخسر يومياً ما يساوى بالضبط ما تحصل عليه مصر سنوياً من الولايات المتحدة الأمريكية. الحكومة المصرية استنفدت قدرتها على الاستدانة، وهو أمر لا تجيد سواه، وبات عليها أن تتحمل المسؤولية عن انهيار اقتصادى كارثى نتيجة رغبة مجنونة من القادمين الجدد للحصول على كل شىء فى وقت قصير.
تلقيت خبر منع أنسى ساويرس من السفر وأنا أركب توك توك فى شارع النصر بالمعادى الجديدة!. سمعنى سائق التوك توك أصرخ فى الهاتف «يا نهار مش فايت.. منعوا أنسى ساويرس من السفر!!»، سألنى بفضول «فيه إيه؟»، شرحت، ابتسم وغمز بعينه «كان قعد مع حسن بيه وخَلص».
