أن تعرض ثلاثة أفلام عربية من مهرجان أبوظبى فى مهرجان برلين، وأن يفوز فيلم افتتاح مهرجان دبى «حياة باى» إخراج آنج لى بأكبر عدد من جوائز الأوسكار لفيلم واحد منها أحسن إخراج يعنى أن الخطة التى وضعت لتكون الإمارات العربية المتحدة دولة حديثة قد نجحت، فالسينما هى أهم مظاهر الحداثة، ومن دون السينما لا تكون أى دولة قد دخلت العصر الحديث.
العالم العربى يمتد من المحيط «المغرب» إلى الخليج «الإمارات»، وفى القلب منه أو المركز مصر. وقد سيطر المركز طوال القرن العشرين الميلادى أو قرن السينما، ولكن السيطرة انتقلت فى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين من المركز إلى الأطراف أو بالأحرى إلى الطرفين، وهما المغرب والإمارات، ولا يعنى هذا أن القلب قد توقف، ولكن المريض فى العناية المركزة.
هناك نهضة سينمائية بكل معنى الكلمة فى المغرب، وإن كانت دور العرض السينمائى تعانى من أزمة كبيرة فى المغرب، ولكن توجد «خطة» لتجاوزها. وهناك نهضة سينمائية بكل معنى الكلمة فى الإمارات، وإن لم تزل فى بداية الطريق بالنسبة للإنتاج المحلى من الأفلام الروائية الطويلة، ولكن توجد «خطة» لدعم المشروعات واكتشاف المواهب والتطوير الحقيقى المتدرج من المجتمع القبائلى المحافظ إلى المجتمع العصرى المنفتح. سُئل بورقيبة ما الفرق بينك وبين الغنوشى؟ فقال ألف وأربعمائة سنة.. وهذا هو جوهر المشكلة فى العالم العربى، أى الفشل فى التوفيق بين الدين والدنيا، وفى التفرقة بين الدين والسياسة، وفى صنع العلاقة الصحيحة بين الماضى والحاضر، وبين الهوية الثقافية الخاصة والهويات الثقافية الأخرى فى العالم الكبير الذى أصبح «قرية صغيرة» فى إطار الثورة التكنولوجية، أو الثورة الثالثة فى تاريخ البشرية بعد الثورة الزراعية والثورة الصناعية.
ويتوقف مستقبل أى بلد فى العالم العربى على مدى مقاومة هذا الفشل، وما ثورات الربيع العربى إلا مقاومة لذلك الفشل، وما الثورات المضادة إلا تأكيد له، وتعبير عن الصدام بين التيارات التى تعيش الحاضر والأخرى التى تعيش منذ ألف وأربعمائة سنة. وهناك مقاومة شاملة وعميقة من دون ثورة فى الإمارات والمغرب وكل الدول العربية الملكية، وأخرى ثورية وعنيفة فى الدول التى حاولت أن تكون جمهورية وظلت ملكية، ولكن بالقوة، ومن دون شرعية الملوك.