الصندوق لن يجلب الاستقرار.
هو لم يجلب الاستقرار ولا حتى الديمقراطية وقد لجأ إليه المصريون فى انتخابات الرئاسة وفى استفتاء الدستور.
ومع ذلك النتيجة مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار لأن الديمقراطية ليست انتخابات فقط، والانتخابات ليست صندوقا فقط، والقفز فورا نحو الصندوق إنما هو قفز يفشخ وطنًا فى الحقيقة.
يبنى الإخوان كل خطتهم على مزاعم أن الانتخابات سوف تؤدى إلى همود وهدوء وبرود تسمّيه الجماعة استقرارا، ومن ثم علينا جميعا أن نركض وراء الانتخابات ونحتكم إلى الصندوق.
مبدئيا الصندوق مزوَّر بكل المقاييس، وفى ظل قاعدة بيانات الناخبين الفضائحية من فرط تزييفها واللعب فيها ووضع ملايين الأصوات المكررة والمزوَّرة فاللجوء إلى الصناديق عبث كامل.
ثم إن الانتخابات لا يجب أن تكون سببا بل لا بد أن تكون نتيجة. بمعنى أن الانتخابات لا تصنع الاستقرار بل هى نتيجة للاستقرار. فهى تقتضى توافقا وإجماعا على ثوابت أساسية وقواعد نهائية للمجتمع وتحقيقا للحد الأدنى من الأمن والهدوء والاستقرار السياسى والمجتمعى، ثم نحتكم إلى الصناديق فى انتخابات بطبيعتها تقلقل الاستقرار وتزيد معاركها الواقع توترا وسخونة. لكن أن نُجرى انتخابات فى واقع متوتر وفى أجواء عنف يملأ جغرافيا البلد ومن دون ضمانات ومن خلال حكومة منحازة وخادمة لسياسة الإخوان، فهذا لن يجعل من الانتخابات بابًا للاستقرار أبدا.
تعالوا نتذكر انتخابات البرلمان العار السابق الذى كانوا يطلقون عليه برلمان الثورة، وهو كان بامتياز برلمان الثورة المضادة.
لقد أُجريت انتخابات هذا البرلمان بإصرار قصير النظر من المجلس العسكرى، وبتصميم من جماعة الإخوان وقتها رغم ما كانت تشهده مصر من أحداث واضطرابات وتحت قصف مأساة شارع محمد محمود، حيث فقء عيون شباب الثورة وقتْلهم وما تبع ذلك من أحداث مجلس الوزراء.
بدا أن إتمام الانتخابات نصر عظيم وهو لم يكن أكثر من فصل من فصول مأساة العبث الذى نحياه منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، فلم تصنع الانتخابات ونتائجها استقرارًا ولم تُنتج تطورا ولم تُمثِّل شعبًا بل تضاعفت المآسى وزادت المِحَن واتسعت المظاهرات ولم ينتهِ العنف.
لماذا؟
لأن إجراء انتخابات فى مراحل التحول يحتاج إلى لحظات ثبات وتوافق بالضرورة ولا يمكن البناء على رمال متحركة. تعالوا الأول نُثبّت الرمال أو نترك هذه الرقعة من أرض الرمال المتحركة ونبنى فى منطقة صلبة. لكننا واصلنا مشوار الهرتلة والتغابى، وهكذا لم تفرز انتخابات الرئاسة أى استقرار، بل مصر تمضى نحو كارثة بفضل الرئيس المنتخَب، ولم تنتهِ صناديق الدستور باستقرار كما كذبوا وادّعوا وزعموا، وهم يغتصبون إرادة البلد ويمررونه، وها نحن نحصد شوك دستور مولود سفاحًا.
ولهذا حين يمنحنا عجائز وعجَزة الجماعة حكمتهم الخالصة بأن الحَكَم هو الصندوق بديلا عن الفوضى، فإنهم يعترفون هكذا بأن رئيسهم المنتخب بتاع الصندوق لم يجلب استقرارا أصلا، وأن دستورهم لم يأتِ باستقرار فيكون الحل من وجهة نظر الجماعة كفيفة النظر، مزيدا من الصناديق التى لا تصنع شيئا إلا الفوضى وعدم الاستقرار.
ألا لعنة الله على الحماقة.