كتبت - يسرا سلامة:
على حافة رصيف وسط البلد، أمام المارة في الشارع الشهير، الذى شهد أول صرخة لثورة 25 يناير، وتحديداً أمام دار القضاء العالي، لم يكن يتوقع المارة بذلك الطريق أن يشهد بعدها بعامين أحد ضحايا الثورة وأحداثها، وأن يجلس عليها شاباً مصرياً بين اليأس والإحباط.
إنه "حمادة".. العامل السابق ففي مجال السياحة، أكثر المجالات المتضررة من أحداث الثورة؛ يجلس "حمادة" الشاب العشريني، وأمامه بعض الأوراق الملونة والمزخرفة، يرسمها بواسطة "المسطرة العجيبة" التي يتولى مهمة بيعها وتسويقها إلى مصر "من الصين"، بعد أن جلبها أبيه من السعودية، فأعجبته فكرة تسويقها، ووجد فيها بديلاً عن عمله الذى فقده منذ عامين.
بعد أن كان يجني أكل عيشه بالدولارات، ويتعامل مع السائحين بعمله بالاستيراد والتصدير؛ تسببت أحداث ثورة 25 يناير الأخيرة فى أن يعود أدراج منزله ويبحث عن "لقمة عيش" أخرى، لم يجد سوى "المسطرة العجيبة" المصنعة فى الصين لكى تشفى رمقه هو وأسرته مرة أخرى.
"حمادة" شاب مصري حاصل على دبلوم الثانوية الصناعية؛ حيث كان يعمل طوال فترة ما قبل الثورة ولمدة 6 سنوات فى مجال الاستيراد والتصدير بالسياحة، لكن رياح الثورة أتت بما لا تشتهي سفن مجال عمله؛ فاضطر إلى هذا العمل لكى يسد حاجات زوجته وأبنائه الاثنين.
"أنا كنت بدخل شرم الشيخ بكارت أمن الدولة".. هكذا تحدث حمادة بحسرة عن أيامه الخوالي في السابق، مضيفاً: " شرم الشيخ دي كانت بلد مبارك، محدش كان بيعرف يدخلها غير اللى معاه كارنيهات أمن الدولة" .
وجد الحزن طريقه إلى ملامح "حمادة" وقال:" أنا مش مبسوط بالقاعدة فى الشارع، بس معنديش مصدر دخل تاني أكل منه "لقمة عيش" حلال، وللأسف بقينا شبابا صايعين بعد الثورة"
لم يكن "حمادة" سوى واحداً من آلاف المواطنين الذين تضرر عملهم بعد أحداث الثورة، وعلى وجه الدقة فهو من 13% من معدل البطالة الذى وصلت له مصر، بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2012، عن حجم قوة العمل بعد الثورة، بعد أن كان 8.9 % فى عام 2010.
"تباطؤ الأنشطة الاقتصادية".. هكذا كان السبب الذى واجهت به الحكومة سبب تفشي البطالة، والذى لن يرمق أحلام "حمادة" التي ارتطمت هي الأخرى برصيف "نقابة المحامين"، فى عزاء للثورة وللعدالة الاجتماعية التي طالبت بها من بين شعاراتها.