يوم الخميس الماضى نشرت صحيفة التحرير «مقالا» بديعا، بقلم الثائرة الرائعة نوارة نجم، وإذا كان عنوان المقال «الحسين»، فموضوعه عن العلاقة بين ثورتنا المجيدة ومأساة حفيد النبى صلى الله عليه وسلم، مع تضمين لقصيدة الشاعر الموهوب مصطفى إبراهيم.
وها هى ذى الصورة العبقرية التى يرسمها شاعرنا: «إنى رأيت اليوم، فىما يرى الثائر، إن الحسين ملموم فوق جثته عساكر، بيدغدغوه بالشوم، كل امّا ييجى يقوم، وانّ البشر واقفه، تبكى بدل ما تحوش، وان العَلَم مَصْفا، م السُّنكى والخرطوش، وإن الطريق مفروش، بالدم للآخر، إنى رأيت اليوم، الدم ع الآيش، وانّ الحسين إحنا، مهما اتقتل.. عايش».
ومن البديهى أن من حق كل مبدع أن يرسم ما يشاء من صور فنية، تعبِّر عن فكره ورؤيته الخاصة، لكن ثمة ملاحظات قليلة لا تختص بجماليات الفن، وإنما تتعلق بحقائق ثورتنا المباركة.
ولعلِّى أذكر العزيزة نوارة أنها كتبت عن الدعوة ليوم 25 يناير 2011 فى مدونتها، ولا يمكن أن تكون كتبت عنها فى عمودها بصحيفة «الدستور الأصلى»، لأن صحيفتنا سُرقت منا جميعا قبل اندلاع ثورتنا بشهور!
وتقول عن الأيام الأولى للثورة: «واحتوى المجلس العسكرى الثورة. وجلس بعض رفقاء الميدان مع عمر سليمان، ومل الناس من المكوث فى الشارع فتفرقوا»، وهكذا قفزت فوق أهم انتصار لشعبنا الأبىّ، ولم تذكر أهم أحداث ثورتنا العظيمة، لحظة إسقاط الفرعون الأخير!
ثم أضافت: «كان يوم 8 أبريل فاتحة خير على المجلس العسكرى، فألقى القبض على الضباط الذين نزلوا لفضح نيَّاته، ومنعنى خوفى من الثقة بهم». والحقيقة أن هذا يوم من أيام النصر، فهؤلاء الضباط الأحرار كانوا نورا ساطعا فى الميدان، إذ كشفوا المجلس العسكرى أمام الشعب، وأمام العالم كله، وكل من التقاهم فى التحرير وسمع كلماتهم الصادقة، وثق بهم وقدّر تضحياتهم النبيلة، باستثناء نوارة وبلال فضل وقلة ممن يؤمنون بالنظريات أكثر مما يؤمنون بالواقع!
وهؤلاء الضباط الأبطال الذين شاركونا فى جمعة محاكمة المخلوع وعصابته، كانوا سببا مهمًّا فى رضوخ المجلس العسكرى للإرادة الثورية، وقد دفعوا ثمن بطولاتهم غاليا، لكن شعبنا الواعى لا ينسى أبدا من ضحى فى سبيله.
وكتبت نوارة: «المصريون لا يبكون الإمام الحسين، ولا يتذكرون استشهاده بالأسى أو الألم أو اللطم، على العكس تمامًا، مولانا الحسين هو مصدر بهجة للمصريين»، وهذا حقيقى، ففى كتب الصحاح، يقول المصطفى «حسين منى وأنا من حسين. أحب الله من أحب حسينا. حسين سبط من الأسباط».
وهكذا يحب المصريون الحسين، وآل البيت جميعا، كما يحبون شهداءهم ومصابيهم، وثوارهم وثورتهم، ومن ثم فثورتنا مستمرة ومتواصلة، حتى نقتصّ للأحبة، ونحقق جميع أهدافها النبيلة، فثورتنا لن تنتهى أبدا بهزيمة الشهداء والمصابين، بل هى متَّقدة فى عقول المصريين الأحرار، ومشتعلة فى قلوب كل المؤمنين بالحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية.