غاب شيكابالا فانتعش الزمالك، وغاب أبو تريكة فانتكس الأهلى. لدينا قراءتان للجملة السابقة، واحدة تقول إن الزمالك عظيم، إذ لم يتأثر بغياب أفضل لاعبيه، بينما الأهلى بطل من ورق انهار فى غياب نجمه. ولديك قراءة أخرى تقول إن الزمالك كيان مختل يقدم أفضل ما عنده فور غياب أمهر لاعبيه، والأهلى كيان طبيعى يتأثر بغياب نجمه، أى قراءة هى الصحيحة من وجهة نظرك؟
حاولت الداخلية مرتين أن تفتح ميدان التحرير لكن النشطاء أعادوا غلقه من جديد. لديك قراءتان للجملة، الأولى تقول إن احتلال التحرير لم يعد له معنى، مجرد فعل يشل الطرق دون أن يؤثر ذلك على النظام، فعل ثورى ذو خلية واحدة لن يتطور يجعل الثورة عملا مبتذلا، إذ فتح الباب أمام الخارجين عن القانون ليحولوا الميدان إلى وطن حصين، بينما الثورة الحقيقية هى فى مكان آخر. وهناك قراءة أخرى تقول ما الذى يمتلكه بعض الشباب الصادق سوى أن يفترش الأسفلت فى عز البرد ليذكر العالم كله بأن الثورة ما زالت قائمة، ويتحملون قسوة العراء ليظل الرمز غصة فى حلق النظام، الذى فشلت معه كل الطرق الأخرى لتذكيره بأن ما نعيشه اليوم لم يكن حلمنا أبدا يوم لم يكن هناك موضع لقدم فى الميدان.. أى قراءة هى الصحيحة من وجهة نظرك؟
يتوافد المواطنون على مكاتب الشهر العقارى لعمل توكيلات للفريق السيسى بإدارة البلاد. هناك قراءة تقول إن هذه الثورة لم يخربها أحد سوى العسكر، والاستعانة بهم من جديد عار علينا جميعا، ويفتح الباب لنقل الظلم الواقع على جهة إلى جهة أخرى، فإذا كان الإسلاميون قد احتشدوا لفرض نظامهم فما الذى سيحدث عندما نتجاهل إرادة ما تعيش بيننا؟ إنه تنغيص يأخذ شكلا جديدا، فالاحتجاج الثورى الذى نعيشه سينقلب جهادا إسلاميا. وهناك قراءة تقول إن النظام الحالى يتغول على البلد بوقاحة، وأن مرور الوقت دون تدخل يقودنا إلى جحيم مستعر، وأنه لا طريقة لإزاحة هذا الاحتلال الذى سرق حلم الثورة إلا بقوة منظمة لا أحد يمتلكها سوى الجيش، كما أن العسكر الآن ليسوا المشير وعنان والروينى.. أى قراءة هى الصحيحة؟
فى كتاب «القراءة الرشيدة» زمان، كان هناك «عمر وأمل» يخطئ عمر فتقوّمه أمل، والعكس بالعكس، أو يخطئ كلاهما فتظهر نرجس ابنة خالتهما لتقوّمهما معا، كان اسمه «القراءة الرشيدة» لأن الكتاب كان يضم إجابات رشيدة تجعل قراءة ما يفعله عمر أو أمل صحيحة.. هذا خطأ وهذا صواب وشخص كبير يشرح السبب، ثم يهبط بالقلم الأحمر على صفحة الكتاب بعلامة الصح والنجمة.
اليوم يمتلك كل واحد وجهة نظر فى كل قضية يؤمن تماما أنها الصحيحة، هناك واحدة بالفعل صحيحة لكن الطرف الآخر لن يسمح لك بإثبات ذلك، لأننا لم نضع الإجابات النموذجية قبل أن نسأل، فأصبحنا لا نمتلك مرجعية نحتكم إليها لحسم الخلاف، بخلاف أننا بلا كبير.