يبدو أننا سنظل نكتب مرارا وتكرارا عن قضية الغاز، وثمنه المسروق، بمنتهى الخسة، من دماء شعبنا الفقير! فقد سبق أن كتبنا، قبل ثورتنا العظيمة وبعدها، عن عمليات النهب المتواصل لثروات وطننا الجريح، ومنها سرقة الغاز الطبيعى، وتصديره إلى العدو بأبخس الأثمان، وها نحن نكتب عن الغاز الذى يتم استيراده بملايين الدولارات، من الاحتياطى النقدى المتآكل، ومن خزينة على وشك الإفلاس.
والغاز هذه المرة معبأ بإحكام فى عبوات خاصة، تُشكل قنابل سريعة الانفجار، تخنق المتظاهرين وتمرضهم، وستنقلها طائرات عسكرية مصرية لقمع جموع الثائرين، ضد نظام حكم فشل فى التعامل مع شعبه.
فوزارة داخلية مرسى، هى ذاتها داخلية مبارك، نفس القتل والضرب والسحل والخطف والتعذيب وهتك الأعراض! ونفس الشركة التى كانت تسرق أموال المصريين، وتورد بثمنها أدوات للقهر أيام المخلوع، هى ذاتها التى تسرق أقوات الغلابة وتورد نفس أدوات القهر أيام مرسى!
وقد اعترفت وزارة الداخلية بصفقة قنابل الغاز الأخيرة، والمتمثلة فى شراء كميات ضخمة، مئة وأربعين ألف قنبلة غاز، ثمنها يزيد على مليونى ونصف المليون دولار، أى ما يعادل أكثر من سبعة عشر مليون جنيه مصرى، فى وقت يحتاج فيه شعبنا إلى كل قرش، وهذه نفس سياسة المخلوع، فالأموال لا تكفى لتعليم الشعب، ولا لعلاجه، ولكن الملايين والمليارات تُصرف بلا حساب، من أجل الحفاظ على كرسى العرش!
ومثلما فشلت هذه السياسة الخرقاء أيام المخلوع وعصابته، ستفشل بالتأكيد، وبشكل أسرع أيام مرسى وجماعته المتشبثة بمقاعد السلطة، بطريقة جنونية، تمنعهم من رؤية حقائق الأشياء، ومن ثم يواصلون السير على خطى الفرعون الأخير.
وإذا كان الرئيس أوباما، يدعم مرسى وجماعته، وقد اتصل به مؤخرا، واستدعاه إلى أمريكا، الدولة الموردة لهذه القنابل المخصصة لقهر الشعوب، وهذا بالضبط ما كان يحدث أيام المخلوع، لكن وقت الجد، وكما ترك الأمريكان مبارك يسقط، ومن قبله شاه إيران، وغيرهما، ستترك الإدارة الأمريكية أى مستبد آخر يسقط، إذا ما ثار شعبه عليه. فالمصالح الأمريكية فوق رؤوس الجميع.
والعالم كله يعلم أن الشرطة المصرية لا تحترم حقوق الإنسان، ولا تطبق القانون الدولى فى تعاملها مع المتظاهرين، ولا تحترم الشروط الدولية المتعارف عليها فى فض المظاهرات، ولا توجه إنذرات شفهية، ولا تطلق قنابل الغاز فى الهوء الطلق، وإنما تُسرف فى استخدام القوة المفرطة التى تصل إلى حد قتل الأبرياء.
وقد قال أحد الخبراء إن شراء مئة وأربعين ألف قنبلة غاز، تكفى للتعامل مع أربعة عشر مليون متظاهر، حيث عادة ما تستخدم القنبلة الواحدة ضد مئة شخص، فى محيط كيلومتر مربع، وهو ما يشير بوضوح إلى نية وزارة الداخلية خوض معارك كبيرة، وطويلة ضد معارضى الرئيس وجماعته.
واتباع سياسة المواجهات الأمنية مع الثائرين، تعد من الحماقات الكبرى، فالثورة ما زالت مشتعلة فى الشارع، ومن ثم لا بد من حلول سياسية، وإلا سيتكرر مشهد سقوط الرئيس، ومعه جماعته الميمونة.