كانت مفاجأة غير متوقعة عندما أعلنت سيدة أمريكا الأولى ميشيل أوباما مع جاك نيكسون اسم الفيلم الفائز بجائزة مسابقة الأوسكار 85، التى كانت من نصيب المخرج بن أفليك بفيلم «أرجو»، نافست سيدة أمريكا الأولى كل النجوم والنجمات فى الحضور والتألق، الأوسكار ليس مجرد احتفال لتوزيع الجوائز ولكنه يشهد فى العادة معارك جانبية عن الأكثر جاذبية بين كل هؤلاء اللامعين ومنحت مسز أوباما بتلك الطلة التليفزيونية فى حفل الأوسكار للأوسكار أوسكار!!
ماذا لو تخيلنا -مجرد تخيل- أن السيدة الفاضلة نجلاء محمود زوجة رئيس الجمهورية التى تحمل لقب سيدة مصر الأولى قررت المشاركة فى إعلان اسم الفائز فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أو حفل فنى أو ثقافى آخر، «افرض مثلاً.. مثلاً يعنى» أن هذا هو ما تناقلته الفضائيات على الهواء، لا شك أن هناك ثمنا لا يقدر بثمن لو حدث ما تخيلناه ونضرب عصفورين أو أكثر بحجر واحد، الدولة التى يؤكد رئيسها أنها دولة مدنية لن يحتاج رئيسها إلى أن يجرى حوارات مضروبة تؤدى عادة إلى زيادة مساحات الغضب والرفض، كما أنه سيرحم أهله وعشيرته من الانتظار حتى الثانية فجرا وهم فى حالة ترقب لما يسفر عنه اللقاء، والذى لا يجيب فيه عن شىء، عندما ترى السيدة نجلاء التى يحرص الرئيس على أن يطلق عليها «أم أحمد» وهى تعلن الجائزة سوف تخرس كل الألسنة التى تحاول التشكيك فى نيات الرئيس تجاه مدنية الدولة خصوصا فى تلك اللحظة التى يشاهدون فيها مسز مرسى تعتلى المسرح.
البعض حاول البحث عن تفسير سياسى لإعلان «أم ماليا» أقصد ميشيل أوباما تحديدا عن فوز فيلم «أرجو» الذى يمنح المخابرات الأمريكية «CIA» كل تلك البطولة، فى نفس الوقت يهاجم الثورة الإيرانية، لا أتصور الأمر على هذا النحو بل إن ميشيل أوباما لم تكن تعرف حتى لحظة فتح الظرف اسم الفيلم الفائز، ولكنها تفاعلت مع حدث يشاهده الملايين فى أنحاء المعمورة، وهو أهم حفل سينمائى فى العالم أجمع، ولهذا قد تجد مثلا أن فى تعريف نجم سينمائى ربما لا يذكرون الجوائز التى حصدها مثل «سعفة كان» و«دب برلين» و«أسد فينسيا»، ولكنهم لا يغفلون أبدا أنه كان مرشحا للأوسكار، الترشيح فقط وليس الحصول على الجائزة يمنح صاحبه قيمة أدبية تعيش معه طوال مشوار حياته.
ليس لدينا أى أحداث ثقافية تقترب من الأوسكار، ولكن فى الحد الأدنى لدينا أيضا تظاهراتنا وحفلاتنا، لا نريد زوجة الرئيس أن تعيد إلينا سيرة سوزان مبارك التى كان لديها نهم إعلامى حتى إنهم قبل نحو عشر سنوات أقنعوها بأنها تصلح لتقديم حكايات تليفزيونية للأطفال، والكثير من الوزراء كانوا تقربا لها وخوفا منها يحرصون على أن تفتتح أى حدث وتقص أى شريط، هذا النمط لا نريده ولكن أيضا الأمر لا يمنع أن نرى زوجة الرئيس فى حدث ثقافى أو فنى أو اجتماعى بين الحين والآخر.
هل يقبل تنظيم الإخوان والسلفيون أن تلعب سيدة هذا الدور؟ مثلا كانت المرشحة السلفية لمجلس النواب المنحل غير مسموح لها أن تنشر صورتها، وهكذا شاهدنا مرشحات منتقبات وبعضهن نشرن فى الدعاية صورة الزوج وأخريات المتفتحات منهن نشرن صورة وردة.
الرئيس مثلا فى أول معرض دولى للكتاب يلغى لقاءه مع الأدباء والإعلاميين والصحفيين والفنانين وهو لقاء سنوى كان مبارك يحرص عليه قبل آخر خمس سنوات، وبرغم أن كل شىء كان خاضعا للانتقاء ولكن فى الحد الأدنى كان مبارك يعقد اجتماعا، إنجاز مرسى الوحيد أنه تمكن من إلغائه.
مصر لكل المصريين ولكل الأذواق لا أرى أى تعارض بين أن ترتدى زوجة الرئيس الحجاب أو الشادور أو النقاب ونشاهدها فى مهرجان سينمائى، كل إنسان حر أن يختار ثيابه يترك لحيته أم يحلقها لا يوجد تعارض بين أن ترتدى ما تشاء وتعيش الحياة كما تشاء.
هل التيارات المتشددة ستتقبل الأمر ببساطة؟ الغضب العارم سوف يسيطر على هؤلاء وأولهم المرشد سيعتبرها غلطة لا تغتفر، عندما يبث عبر الأقمار الصناعية مشهد مسز مرسى وهى تعلن عن جائزة الفيلم الفائز.. فهل تفعلها السيدة نجلاء محمود الشهيرة بـ«أم أحمد»!!