حملة ضارية يشنها أنصار جماعة الإخوان على جبهة الإنقاذ بسبب قرار الجبهة بمقاطعة حوار مرسى الوطنى والانتخابات البرلمانية القادمة، وتتضمن الحملة اتهامات للجبهة بأنها دائما ما تلجأ إلى الفعل السلبى بالرفض والمقاطعة، وأنها ليس بمقدورها الإقدام على فعل إيجابى. أيضا هناك من قال إن أحزاب الجبهة تعلم أنها سوف تمنى بخسارة فادحة فى الانتخابات القادمة، ومن ثم رفضت هذه الأحزاب الذهاب إلى الصندوق والاحتكام للشعب. وهناك من قال إن عناصر قيادية فى الجبهة تريد إسقاط الدكتور محمد مرسى، ومن ثم ترفض اليد الممدوة لها وتواصل العمل فى الشارع حتى يكتمل المشهد.. أطلقوا على الجبهة مسميات من قبيل «جبهة الخراب»، وهو أمر يتوافق مع إفتاء عدد من رجال الدين المحسوبين على الجماعة وبعض مكونات التيار السلفى بخروج قادة الجبهة على ولاية مرسى، ومن ثم جرى تكفيرهم وإباحة قتلهم. وفى الوقت الذى يمارس فيه عدد من قادة الجماعة هواية السب والقذف وتوجيه الاتهامات إلى قادة الجبهة، يتقدم الإخوانى الطيب ويلتقى عددا من قادة الجبهة، طالبا منهم خوض الانتخابات، وعارضا فى الوقت نفسه عدد مئة كرسى على الجبهة، فى تقليد لما فعله النظام السابق مع الجماعة وتحديدا قبيل انتخابات ٢٠٠٥، عندما قدَّم إلى الجماعة خُمس عدد مقاعد البرلمان (٨٨ مقعدا)، وهى نفس النسبة التى عرضها الكتاتنى على قادة الجبهة، حيث عرض مئة مقعد بعد زيادة عدد مقاعد المجلس فى التعديل الأخير لتصل إلى ٥٤٦ بدلا من ٤٩٨.
الحقيقة أن الجبهة لا تريد صفقات ولا تريد إسقاط مرسى، فقط تريد اتخاذ إجراءات عملية لضمان نزاهة الانتخابات، ولتحصل على ما يعطيه إياها الناخب المصرى، القضية هنا ليست مجموعة من المقاعد للوجاهة الاجتماعية وحصول نواب الجبهة على الحصانة ويجرى مناداتهم بسيادة النائب، القضية هنا أبعد من الكرسى، نعلم أن هناك من ينحصر تفكيره فى الكرسى والحصانة، لكن حسابات القوى الوطنية ينبغى أن تتجاوز ذلك إلى إطار الوطن ككل. الجبهة تريد الحصول على ما طلبه رئيس حزب النور الدكتور يونس مخيون، الجبهة تريد الاطمئنان إلى أنه لن يتم تزوير الانتخابات. فالواقع القائم اليوم يرجح تزوير الانتخابات بشكل فج وعلى غرار ما فعل «الوطنى» عام ٢٠١٠، وفى تقديرى أنه ما لم تتغير المعطيات ويجرى إرساء أسس لضمان عدالة ونزاهة الانتخابات فإن أحزاب الجبهة سوف تنسحب فى أى مرحلة من مراحل الانتخابات الأربع بعد أن ترى عقليات التزوير من استخدام موارد الدولة فى خدمة مرشحى الجماعة، رشوة الناخبين وشراء الأصوات بأموال دافعى الضرائب، تأثير المشرفين على صناديق الانتخاب الذين جرى اختيارهم من المنتمين إلى الجماعة، التأثير على الناخبين أمام اللجان، اللجنة العليا للانتخابات وعلاقاتها الشائكة برئيس السلطة التنفيذية، ما يمكن أن يصدر عن وزير الداخلية من تصرفات لا علاقة لها بالوطنية، وما يمكن أن يرتكب من جرائم ويتقاعس عن توفير الأمن للناخبين من غير المؤيدين للجماعة وشقيقاتها، ما يمكن أن يصدر عن وزير العدل ونائب مرسى العام/ الخاص من قرارات وملاحقات من ناحية وحماية لأطراف أخرى من ناحية ثانية، إذن جبهة الإنقاذ تريد مجموعة قرارات من رئيس الجمهورية توفر بيئة ملائمة لإجراء انتخابات حرة نزيهة، وليحصل فيها كل طرف على ما أعطاه الشعب إياه من أصوات، وهذه الضمانات تشمل حكومة جديدة أو على الأقل تغيير الوزراء الذين لديهم صلاحيات التأثير على الانتخابات مثل الداخلية، العدل، الشباب، الحكم المحلى والتموين. وتشكيل مفوضية عليا للانتخابات من شخصيات تتمتع بالحيدة والاستقلال تضم فى صفوفها بعضا من نشطاء حقوق الإنسان، تكون مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية برمتها، بما فى ذلك منح تصاريح مراقبة الانتخابات، الإشراف القضائى الكامل. هذا ما تطالب به الجبهة وما يتهرب منه مرسى وجماعته، وهو ما دفع رئيس حزب النور إلى مغادرة حوار مرسى الوطنى دون التوقيع على التوصيات التى تمت صياغتها، فقد حاول مرسى الالتفاف على هذه المطالب بجعل الحوار مقصورا على بلورة توصيات يجرى رفعها إلى اللجنة العليا للانتخابات. رئيس جمهورية يرفع توصيات إلى اللجنة، يملك التأثير على تشكيلها وعضويتها. كنا فى حاجة إلى رئيس جمهورية يتخذ قرارات لا يرفع توصيات، ومن ثم كان منطقيا أن يشعر قادة الجبهة بسلامة الموقف والتقدير بعد مشاركة حوار مرسى الوطنى. السؤال هنا: وماذا بعد المقاطعة؟