إلى قواتنا المسلحة الباسلة ذات التاريخ الناصع والمشرف على طول الزمن.. إننا لن ننسى لكم أبداً موقفكم الرائع من ثورة 25 يناير العظيمة، حيث كان لانحيازكم الفورى والقوى فى صف الإرادة الشعبية الحرة ضد عصر الاستبداد والفساد الأثر العظيم فى إنجاح هذه الثورة.
ومع طول الفترة الانتقالية وقلة خبرة القوات المسلحة فى إدارة شؤون البلاد لفترة طويلة وعصيبة فى أعقاب ثورة شعبية هائلة، خاصة فى التعامل مع المظاهرات الشعبية والاحتجاجات الفئوية، فقد استغلت جماعة الإخوان المسلمين هذا الأمر بما لديها من خبث ودهاء من أجل الوصول إلى الحكم عن طريق زرع بذور الفتن بين الشعب والجيش، ومن ثم بدأت الأحداث الدامية والمؤسفة التى راح ضحيتها الكثير من أبناء الوطن، والتى تم إلصاق التهم وقتها بما أطلق عليه «الطرف الثالث» الذى لا أشك مطلقاً فى أن هذا الطرف هو أعضاء هذه الجماعة أو من يتم تسخيرهم لهذه المهمة من أجل تشويه صورة القوات المسلحة لدى المصريين، مستغلين حماس الشباب أحياناً وجهل البعض الآخر أحياناً أخرى، وليس هذا بمستغرب فى تاريخ هذه الجماعة الملىء بالغدر والاغتيالات والدماء.. وقد نجحت بالفعل فى إحداث شرخ فى علاقة الشعب بجيشه، حتى أصبح المسرح جاهزاً لتغيير موقفها من الانتخابات الرئاسية وتقدمت بمرشحها الذى فاز بأغلبية ضئيلة، ومشكوك فيها.. ثم توجت نصرها المزعوم بما سمته إنهاء الحكم العسكرى، مع العلم بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يعلن يوماً أنه ينوى الاستمرار فى حكم البلاد..
إن هذا الموقف من القوات المسلحة يشبه إلى حد كبير الموقف من جماعة السلفيين، وغيرها من الجماعات الإسلامية التى استخدمتها جماعة الإخوان فى البداية لحصد أصوات الناخبين فى الانتخابات والاستفتاء، ثم تركتهم وشجعتهم على التصريحات المتطرفة وغير المسؤولة لكى تنال من شعبيتهم، وتظهر جماعة الإخوان بأنها الفصيل الإسلامى المعتدل، ثم بدأت مؤخراً فى الانقلاب عليهم كما حدث مؤخراً.
من أجل ذلك كله وقبل أن تحكم هذه الجماعة سيطرتها على مقدرات هذا البلد، فإننى أناشدكم سرعة التدخل لوقف المزيد من العنف وإراقة الدماء المتوقع فى الأيام المقبلة مع زيادة وتيرة الغضب الشعبى وموجات العصيان المدنى التى من الممكن أن تسرع بانهيار البلاد اقتصادياً واجتماعياً.. مع ما يحمله ذلك من احتمالات ثورة الفقراء التى تقضى على الأخضر واليابس. أطالبكم بالتدخل والأخذ بزمام الأمور لفترة مؤقتة يعاد فيها ترتيب الأوضاع فى البلاد، ويعود العمل بدستور 71 بعد التعديلات التى أجريت عليه وتتم الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، تعقبها انتخابات مجلس الشعب مع تشكيل لجنة دستورية على أعلى مستوى لإعداد دستور جديد يتوافق عليه كل المصريين. وقبل أن تنطلق حناجر المتشنجين.. أذكر أن ذلك ليس انقلاباً على الشرعية..
فشرعية الرئيس مرسى قد انتهت بالفعل منذ أن سالت ولاتزال دماء المصريين وأهدرت كرامتهم بالتعذيب، والخطف والإهانة، وبعد أن ساد الخوف والحزن والاكتئاب، وانقسم المصريون على أنفسهم لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث بعد شهور قليلة من تقلده منصب الرئاسة.. كما أنه ليس دعوة لعودة الحكم العسكرى، فذلك أمر قد تجاوزه الزمن فى العالم المتحضر من حولنا، ولكن دعوة مخلصة لوقف التدهور، من أجل عودة مصر للمصريين جميعاً.. وعودة المصريين إلى مصرهم الحبيبة.
عاشت مصر حرة آمنة