مَن سيسمع نصيحة الخارجية الأمريكية ويدخل الانتخابات مع الإخوان يا تُرى؟
بعد ساعات من إعلان جبهة الإنقاذ مقاطعة الانتخابات خرج المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية الأمريكية يطالبها بالتراجع عن المقاطعة ويحثّ الأحزاب على المشاركة فى انتخابات البرلمان.
طيب وانت مال أهلك؟
آه... إنها مسألة فى غاية الوضوح السافل، فالأمريكان يريدون مسرحية الانتخابات الإخوانية ويُلِحّون عليها، وقد حفِيَت السفيرة الأمريكية ومعها عدة سفراء أوروبيون لإقناع رموز الجبهة بالمشاركة فى الانتخابات.
ليه؟
لأن الأمريكان عقدوا صفقة مع الإخوان على حماية أمن إسرائيل والدخول فى حِلف أمريكى سُنِّى لمواجهة إيران، وعلى الاستمرار فى اقتصاد السوق المتوحشة المأمورة من صندوق النقد والمرتبطة بالتعليمات الأمريكية، الإخوان وافقوا على التبعية السياسية والتبعية الاقتصادية للأمريكان، وهذا سر الضغط الأمريكى الهائل الذى مارسته هيلارى كلينتون على طنطاوى لتسليم السلطة للإخوان حيث ضمنت الولايات المتحدة استمرار مصر التابعة ومصر الحليفة.
الآن يريد الأمريكان أفضل إخراج للمسرحية الرديئة بأن تبدو «الإخوان» جماعة إصلاحية تتقبل الديمقراطية وتَداوُل السلطة وتُجْرِى انتخابات تنتهى بفوزها. ليس مُهمًّا هنا عند الأمريكان أن تكون انتخابات نزيهة ولا أن تديرها حكومة محايدة ولا أن يكون القضاء مستقلًّا وهو يشرف عليها ولا أن يكون النائب العام محامى الشعب لا محامى الجماعة، كل هذا ليس مُهمًّا، فقط مجرد إجرائها لتوافر شكل الديمقراطية، لهذا لا بد من مشاركة أطراف من الأحزاب المدنية والتيارات اليسارية المعارضة لمنح هذه المسرحية صفة الشرعية والاحترام.
وليس فى الأمر أى مفاجأة، ذلك أنه فى اليوم نفسه الذى تعلن فيه جبهة الإنقاذ مقاطعتها يتصل الرئيس الأمريكى أوباما بمرسى.
تفتكر ليه؟
أوباما يريد التأكد من مدى الالتزام بإخراج المسرحية، فيردّ مرسى بتأكيد العلاقة الاستراتيجية بين مصر وأمريكا.
نفس التعبير الذى كان يردده النظام السابق، نفس المصطلح، أن مرسى يذكِّر أوباما بأن مصر الإخوانية فى خدمة أهداف الأمريكان وأنها مصدر أمان لإسرائيل، وأوباما لا يريد أن يسمع إلا هذه كى يغلق المكالمة، أن مرسى هو مبارك الملتحى وأنه قادر على أن يلمّ الناس اللى عنده فى المعارضة ويخترقهم أو يُسْكِتهم، ويهدأ الرئيس الأمريكى ويرتاح بالا عندما يقول له إن المعارضين لن يسببوا صداعا وإنهم غير قادرين على شىء وإنه مسيطر وكمان عمل واحد حوار وطنى -ده حتى لسه باكينام معاهم- والانتخابات هتعدِّى على خير وولايهمك مستر أوباما.
لا تفعل أمريكا إلا ما تجيد أن تفعله منذ سبعين عاما، وهو التحالف مع المستبدين والديكتاتوريين.
ولن ترى أمريكا إلا ما تفاجأ حين تراه دومًا طوال السبعين عاما، حلفاءها الطغاة وهم يسقطون.
وساعتها ستبحث عن طاغية جديد، فهو مرض بعيد عنك!