ما حدث فعلًا لا يمكن تخيّله، ولا يمكن أبدًا أن يحدث فى أى مكان فى العالم! فيوم الأحد الماضى أُعلن عن إجراء حوار مع الرئيس مرسى، وأنه سيُذاع فى اليوم التالى «الإثنين» فى تمام الساعة الثامنة مساء. ومن قبل الموعد بفترة، وثمة إشارة على شاشات عدة محطات تليفزيونية، تُخبرنا أنه بعد قليل سيُذاع حديث السيد الرئيس.
ونظرًا إلى أوضاع البلد المقلوبة رأسًا على عقب، بسبب تصرفات الرئيس وجماعته، فقد انتظر الناس حديثه المرتقب، فى الموعد المحدد، لعل وعسى يقول شيئًا، هذه المرة، يساعد على خروجنا مما نحن فيه من هم وغم. ومر الوقت ساعة وراء أخرى، دون أن يخرج أحد ويقول كلمة إلى الناس، يفسّر بها سبب تأخّر إذاعة حوار الرئيس!
وحينما تجاوزت الساعة الواحدة صباحًا، وفى أثناء حوار فى قناة «الجزيرة - مباشر مصر»، والتى تضع إشارة عن الخطاب المرتقب لأكثر من خمس ساعات، تفتق ذهن المذيع عن مخرج لطيف لهذا الوضع المريب، فقال فى معرض دفاعه عن الرئيس ومؤسسة الرئاسة، إن الرئاسة لم تُعلن عن حديث الرئيس من الأصل، وإن مَن أعلن عنه هو محطة تليفزيونية خاصة، ولذلك فلا خطأ من جهة الرئيس، ولا من جانب مؤسسة الرئاسة!
هذا، على الرغم من أن المحطة كانت تذكر أهم النقاط فى حديث الرئيس الذى لم يُذع بعد! وكل هذا لم يمنع تكرار أسئلة لم يتمكّن أحد من الإجابة الشافية عليها، فأى شىء هذا الذى يمكن أن يبرر تأخّر إذاعة حوار الرئيس لنحو ست ساعات؟! ولماذا لم يظهر الرئيس فى تليفزيون الدولة ويخاطب الشعب على الهواء مباشرة؟! وما مدى صحة ما يتردد بين الناس عن مراجعة مكتب إرشاد جماعة الإخوان حوار الرئيس، وعمل مونتاج لبعض كلامه؟! وهل من المعقول أن يظهر رئيس الجمهورية على التليفزيون ليتحدث إلى شعبه والساعة تقترب من الثانية صباحًا؟! وإلى متى يمكن أن يستمر هذا الحوار التليفزيونى المسجّل مع الرئيس؟!
العجيب أن الرئيس ظل يتحدّث حتى اقتربت الساعة من الرابعة صباحًا! فأى جديد قاله الرئيس؟! وأى شىء أضافه إلى ما تم تداوله عن مضمون حديثه قبل إذاعته؟!
قال الرئيس «النائب العام جاء بطريقة صحيحة مئة فى المئة»، فى حين أن تعيينه جاء ضمن مواد الإعلان غير الدستورى، والذى تم إلغاؤه! وقال «كل جلسات الحوار الوطنى نجحت»، على الرغم من أن قوى المعارضة لم تحضرها، فأى نجاح هذا؟!
وقال «لم يخرج من مؤسسة الرئاسة أى اتهامات للمستشار د.خالد علم الدين»، فى حين أن مستشار الرئيس محمد فؤاد جاد الله، تحدّث إلى عدة محطات فضائيات، وذكر اتهامات بل وأدلة تدين أحد أعضاء فريق المستشار المقال، وتتضمن أمورا أخلاقية ومالية، بالإضافة إلى استغلال النفوذ!
وإذا كان البعض يتصوَّر أن المخرج مما نعانيه، فى انتخابات رئاسية مبكرة، فقد أكد الرئيس أن استقالته مستحيلة!