ايجى ميديا

الأثنين , 4 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

البرادعي.. أسطورة مَرّت من هنا

-  
نشر: 26/2/2013 10:26 ص – تحديث 26/2/2013 10:26 ص

البوب.. رئيس حزب الدستور، يعيش غربة كاشفة في في الساحة السياسية الصغيرة. غربة العقول المفكرة الخارقة.. في لحظة تعبّد متوسطي الفكر، وتحوّلهم الى رموز وطنية، ما دامت قابلاًة للتنميط، والدخول في علب جاهزة للتوزيع كأنه سلعة مأمونة.

اسمه محمد مصطفى البرادعي، ولد في مدينة كفر الزيات، ورغم طبيعة عيشته الهادئة، فإن البوب مثل اسم شهرته، فريد من نوعه، لا يشير الى شيء تقليدي، أو يخضع لمسطرة يمكن القياس عليها. هو شيطان معظم شباب الثورة وملاكهم، منقذ الثورة ولعنتها. لا يصلح قدوة مثل مصطفى كامل، أو نموذجاً للمشاغبة الحادة مثل سعد زغلول، يغضب ويفور ويخرج عن حدود الانفعالات المعروفة في السياسة، يخترق حاجز السياسي المعتاد، ويطير مثل طائر النار، يحرق ما بينه وبين شعب يحفظ رموز الساسة التقليديين في ثلاجة الملائكة ويقدر نفاقهم الاجتماعي أكثر من فكرهم السياسي.

الشباب يطير سعادة عندما يحول موقف البرادعي المستحيل الى شيء عادي، تتحول نقاشات مواقع التواصل الإجتماعي الى تراتيل فتنة، ويبدو الرجل العجوز بالقوة الساحرة المنطلقة من نقاء الضمير.. رسول ثورة لا يمكن تفاديها لحظة غضب النظام عليه.

هو حالة فريدة من رجال السياسة لا تتحمل توافقات مصر في عصر قام كله على تقديس المتوسط. الوسط له قيمة وتقدير، والنجاح للمتوسط والأقل كفاءة، لا إبداعات خارقة، ولا خروج عن حدود يرسمها متوسط الفكر. أنبياء عصر مرسي ونجومه، والقادرون على صنع سبيكة تجعل الطيران تحت الرادار ممكناً كل هذه الأيام الطويلة الماضية.

عندما ظهر البرداعى لأول مرة على الساحة السياسية خاض المعركة على طريقته. والجماهير الرمزية التى استقبلته من بينها نوعية أخرى من «رجل الشارع»، لكنها على العكس تريد «الدكتور» بديلا لمبارك. بين الذين لا يرون بديلا لمبارك والذين يبحثون عن بديل «أى بديل» للرئيس، يتجلى الفارق الذى يمثله دخول البرادعى ملعب الصراع السياسى فى بلد مثل مصر، وفى لحظة «كانت وقتها» انتقالية تصيب الجميع بالانفعال.. رجل الشارع كان يبحث عن الأقدار، تربى على الإدمان.. الحكام بالنسبة إليه هم أصحاب البلد وملاكه.. هو ضيف أو موظف فى جيوشهم.. الحاكم وقتها كان إلها إلا قليلا، ولا حول ولا قوة للمجتمع إلا بما يمنحه هو من أدوار ووظائف وهبات وعطايا.

البوب لم يكن سوى إشارة لكسْر ترسانات الملل التى حكم بها نظام مبارك ٣٠ سنة .. الأمل فى مواجهة الملل .. هذا ما مثله الظهور الأول للبرادعى فى السنة الفاصلة، ولم يكن صدامه مع جيش الدفاع عن مبارك، بل كان صداما مع الموديلات الجاهزة فى العمل السياسى.

البرادعى قادم من ثقافة سياسية مختلفة، ولهذا بدت حركته بعد الاستقبال الأول مرتبكة، ومتلعثمة، وهذا ما اعتبرته وقتها ميزة، لأنها حركة تخرج به من حيز الموديلات الجاهزة، والقوالب المصنوعة إلى آفاق أخرى لا يمكن إغفال تأثيرها فى تحفيز الخيال الجديد الذى قاد ثورة ٢٥

البرادعي يقود المعارضة الأن.. كاسراً كل القيود التقليدية للمعارضة التي صنعها مبارك وشكلها كما يريد، إستطاع جمع شتات الفرقاء من المعارضة في جبهة الإنقاذ الوطني ضد الإعلان الدستوري وضد الحكومة الحالية التي فشلت في حل كل قضايا الوطن وضد الدستور الذي أصدرته جماعة الإخوان حالمين أن يكونوا «الأمر الواقع» لهذا البلد، ويَرِثون مكانا يستطيعون به إعادة تفصيل الدولة على مقاسه.. ويفق بها الأن في وجه جماعة الإخوان المسلمين التي تصر على مهزلة الإنتخابات التي جهزت على عيب، وصيغت بعيب، وتنعقد فى ظروف مثقلة بأعيب العيب.. بل الحرام ..؟!

انتخابات ما هى إلا نقطة على منحنى انطلق من نقطة فاسدة ضللت أمة عن سواء السبيل فى بناء مصر جديدة بعد ثورة أزاحة طاغوت عصابة حكم الاستبداد والفساد الساقط، فبدلا من المسير على درب الصواب الذى اتبعته أمم توافقت مع ضمائرها وصدق تطلعات بنيها، تواطأ من تواطأ وقايض من قايض لاختلاق متاهة عجيبة بتعديلات دستورية نسفت البداية الصحيحة لإنشاء دستور توافقى جديد، تُجرى على هديه انتخابات ديمقراطية صحيحة، يصعد منها برلمان سوى وقوى.. ورئيسا ليس كهذا الذي ينحدر بنا إلى مباذل الفرعنة.

يقف البرادعي غريباً في الساحة الكبيرة للثورة العظيمة.. غربته مع الجميع، القوى المدنية التي لم تعتاد على مثل هذا النوع من السياسيين والقوى الدينية التي تصر على الفتك بمن يحول بينها وبين التمكن تماماً من مفاصل الدولة.. البرادعي غريب عن المزاج العام.

مصر ليست كوبا التي جعلت جيفارا الغريب عنها أيقونتها المنفلتة وإمام حريتها، ولا الهند التي إحتفت بالملهم غاندي الصاعد على مسطرة الأخلاق العامة.

مصر لا تستوعب البرادعي، ترضى فقط بمن يقصّون الأجنحة، ويدورون برؤوسهم في حلقات ذكر ودروشة تكرر المألوف، وتخاف من التجربة والإبداع باسم الاستقرار. ومصر بلد الاعتدال والوسط. هكذا تتوه الحالات الفريدة، يحاصرها السياق الضيق الذي يستوعب جيوشاً من المنافقين ولا يقدر على تحمل موهبة واحدة خارج النمط، تفتح سياقاً آخر.

عاش البرادعي غريباً.. وسيرحل غريباً، بعد أن يترك أفكاره علامات على لحظة في التاريخ لا تستوعب مخلصيها.. وتمنح نفسها كاملة للانصاف والمتوسطين.

التعليقات