يقودنا محمد مرسى إلى داهية اقتصادية.
ستسمع من الإخوان ومنافقيهم الحجة التافهة التى لا يصدقها إلا فارغ العقل.
وهى حجة التركة الثقيلة. أولا، ليس هناك بنى آدم إلا وكان يعرف أنها تركة ثقيلة، ومن ثم كان يستلزم الأمر شخصيات فاهمة نبيهة عاقلة حصيفة، تدير البلد وهى تحمل هذه التركة، لكن أن يتصدى البقالون الفاشلون للمسؤولية وهم يعرفون حجم التركة وحجم عقلهم فلا معنى لهذا إلا أنهم لا يملكون ضميرا، بل هم نصابون خدعوا الناس بما ليس لديهم.
ثانيا، لكن هذه التركة فيها أيضا مصانع ضخمة وشغالة واستثمارات واسعة وسياحة جيدة واحتياطى نقدى محترم، فإذا بالبقالين الذين يحكموننا يهدرون هذه الإمكانيات التى لا ينكرها إلا جاحد أو أعمى، ويضربون أوصال هذه التركة، حتى إنهم يزيدونها ثِقلًا ويهدمون ما بقى منها من أعمدة صلبة ويبددون كل شىء إيجابى فيها.
تعالَ إلى جرد مدهش فى دقته قدمه الباحث الخبير رائد سلامة لما فعله الباشمهندس محمد مرسى خلال فترة شهوره الميمونة فى الاقتصاد المصرى حتى كاد يخربه ويقعد على تلّه.
يقول رائد سلامة فى مقال نشره له عدد من مواقع الإنترنت «أولا: بلغ عجز الموازنة عن الأشهر الستة المنتهية فى 31 ديسمبر 2012 (أى الفترة التى انقضت منذ تولى الدكتور مهندس رئاسة البلاد) مبلغ 91.5 مليار جنيه مصرى مقارنة بـ73.8 مليار جنيه مصرى عن ذات الفترة للسنة الماضية. أى أن هناك زيادة بمقدار 24% فى قيمة العجز. ثانيا: بلغ معدل التضخم فى نهاية يناير 2013 نسبة 6.27% مقابل 4.66% فى نهاية ديسمبر، أى أن هناك زيادة قدرها 35% فى معدل التضخم فى شهر واحد. ثالثًا: بلغت قيمة الدين الخارجى 34.7 مليار دولار فى نهاية يناير 2013 مقابل 34.3 مليار دولار فى يونيو 2012، أى أن هناك زيادة قدرها 400 مليون دولار، بما يعادل 2.8 مليار جنيه مصرى. رابعًا: بلغت قيمة الدين المحلى فى سبتمبر 2012 مبلغ 1.239 مليار جنيه (تريليون ومئتان وتسعة وثلاثون مليار جنيه) مقارنة بمبلغ 1.020 مليار جنيه (تريليون وعشرون مليار جنيه) أى بزيادة قدرها 219 مليار جنيه، وبنسبة 21%. خامسا: بلغ صافى احتياطى النقد الأجنبى مبلغا قدره 13.6 مليار دولار فى نهاية يناير 2013 مقابل 15.5 مليار دولار فى يونيو 2012، أى بانخفاض قدره 1.9 مليار دولار، وبنسبة تصل إلى 12.2% علما بأن قيمة الاحتياطى المذكورة تتضمن نقدا متاحا للصرف بمبلغ 9.1 مليار دولار فى يناير 2013، و11 مليار دولار فى يونيو 2012. مما سبق يمكن أن نستخلص أن النقد الأجنبى المتاح للصرف، وهو 9.1 مليار دولار، يكفينا لتغطية استيراد 52 يوما فقط بخلاف سداد أى ديون مستحقة أو فوائدها، وهى مسألة مفزعة مرعبة، من شأنها أن تقضّ مضاجعنا جميعا، وأنا والله لا أدرى كيف يستطيع (الدكتور مهندس) ورجاله النوم، فأنا شخصيا رغم أنى لست مسؤولا بشكل رسمى، فإن النوم لا يجد طريقه إلى عينى بسهولة لاطّلاعى على هذه الأرقام التى زادها صعوبة ما حدث مؤخرا من خفض لتصنيف مصر الائتمانى».
وقد سألت نفسى أنا أيضا: كيف لا ينام خبير مثل رائد سلامة عندما يطلع على هذه الأرقام، بينما ينام مرسى ملء جفونه ويتخمد مكتب الإرشاد ولا كأن حاجة بتحصل؟! وليس أمامنا إلا عدة اختيارات محدودة للإجابة:
أن الإخوان لا يعرفون أو لا يفهمون أو لا يهتمون أو لا يعقلون، أو ينتظرون مائدة من السماء أو من صندوق النقد أو من قطر، أو أنهم يستعبطون أو يستهبلون، أو أنهم يُفلِّسون، البلد لأن لديهم مشتريا جديدا، يريد أن يشتريها خرابة!
