فى أى ظروف طبيعية سوف تكافح المعارضة لكى تجرى الانتخابات البرلمانية فى مصر اليوم قبل الغد، وهى متأكدة أن المعركة محسومة.. فهى تواجه خصما لم ينجح فى شىء طوال فترة حكمه إلا فى الفشل!! حتى أوصل البلاد إلى حافة الكارثة على كل المستويات.
ومع ذلك يسرع الحكم الفاشل فى تحديد موعد الانتخابات، كما سارع من قبل فى اختطاف الدستور. الحكم الذى تجف دماء الشهداء من على يديه يريد الاحتكام إلى الصندوق!! القتلة الذين اختطفوا حياة سبعين مواطنا فى يومين أو ثلاثة وتركوا آلاف المصابين، واختطفوا شباب الثورة ليعذبوهم وينتهكوا أعراضهم.. يتصورون أن الانتخابات سوف تمنحهم الشرعية، وتغطى على جرائمهم، وتمنحهم الفرصة لتدعيم حكمهم الفاشل.. والفاشى!!
يبدو الموقف غريبا.. حكم مارس كل الجرائم فى حق شعبه، ويضع البلاد على حافة الانهيار، ومع ذلك يسرع الخطى نحو الانتخابات(!!) وهو يعرف أنه لا يوجد مبرر واحد لكى يعطى مواطن عاقل صوته لمن فشلوا فى كل شىء، وكذبوا فى كل الوعود التى أطلقوها، وخدعوا حتى أقرب الحلفاء إليهم!!
هل ستذهب المرأة لتعطيهم صوتها، وهى التى أهينت فى عهدهم البائس كما لم يحدث فى التاريخ الحديث.. أهدرت حقوقها فى الدستور، وتم تجريدها من حقوق المواطنة، وأطلقت عليها فرق التحرش والاغتصاب (برعاية رسمية) لكى تعاقبها على المشاركة فى الثورة!!
هل ستذهب أصوات العمال للحكم وحزبه وجماعته، وهم الذين يمثلون أردأ أصناف الرأسمالية التى تعيش على عرق العمال، والتى تستنزف الاقتصاد ولا تضيف له شيئا، والتى تعد القوانين التى تجعل السجن مصير العامل إذا طالب بحقوقه؟!
هل ستذهب أصوات الفقراء والمطحونين للحكم الذى خدعهم باسم الاسلام الحنيف، والذى أحال حياة المواطن البسيط إلى جحيم فى مواجهة الغلاء الفاحش والبطالة المتزايدة؟! هل ستذهب أصوات الفقراء للذين يعدونهم بثلاثة أرغفة فى اليوم.. إذا توفرت وإذا لم تؤد السياسة الحكيمة لهذا الحكم الفاشل إلى إفلاس الدولة!!
هل ستذهب أصوات الفلاحين إلى من أعادونا لأحط عصور المماليك حين كان الفلاح يهرب من الأرض، وحين كان الحكم لا يهمه إلا جباية الأموال.. أما أرواح الناس فلتذهب إلى الجحيم؟!هل ستذهب أصوات المثقفين وأصحاب الرأى إلى الذين يطاردون الحريات، ويصادرون الرأى، ويحاربون الإبداع، ويستعدون لإقامة محاكم التفتيش بعد أن يستتب لهم الأمر كما يتوهمون؟!
لا شىء من ذلك يمكن توقعه، ومع ذلك فهم يطلبون الانتخابات الآن لأنهم قد اتخذوا قرارهم من البداية بتزويرها!! هذه هى الحقيقة التى ينبغى لكل القوى السياسية أن تتعامل معها وأن لا تتهرب منها. حين ألف خبير الرضاعة العالمى الدكتور قنديل حكومته الحالية، كتبت هنا أننا أمام «قرار جمهورى بتزوير الانتخابات»،، لم يكن الأمر يحتاج إلى جهد كبير لاكتشاف هذا الأمر وكل مفاتيح الانتخابات تعطى لوزراء من الإخوان المسلمين أو من التابعين لهم.. من العدل إلى الداخلية إلى التموين إلى الشباب إلى الحكم المحلى. مع السيطرة على النيابة العامة من خلال نائب عام ملاكى، ومع حركة مجنونة للاستحواذ على كل الوظائف التى تتحكم فى مفاصل مؤسسات الدولة.
المشاركة فى هذه الانتخابات، ومع هذه الظروف، هى إعلان رسمى بقبول تزوير الانتخابات، وإضفاء للشرعية على نظام افتقد الشرعية.. لكن الأهم أنه تنظيف لأيدى القتلة من دماء الشهداء الذين دفعوا حياتهم لكى يمنعوا وقوع مصر فى قبضة الفاشيين الجدد!!