هذا أفضل قرار اتخذه مرسى منذ جاء..
لقد دعا إلى انتخابات برلمانية فى نهاية أبريل إذن، برافو جدا، أحسنت يا دكتور، أرحت يا رجل واسترحت.
نعم، هذا قرار رائع لأنه كاشف فاضح، فقد أنهى كل الخُرافات التافهة التى يروِّجها مغيَّبو الضمير عن الحوار الوطنى، وكل الخواء والهراء الذى يردده كذابو الجماعة وأفّاقوها ومنافقوها عن جدية الحوار وضرورة الحوار ومواعيد الحوار، خلصنا بقى من المياصة والتخنُّث واللف والدوران بتاع «نقعد نتحاور ونتفاهم»، ومبادرة هنا أو هناك وابتسامات صفراء وبلاستيكية يوزعها الإخوان ومنافقوهم فى التليفزيونات، لا حوار إذن، بل طغيان له خوار.
الأمر الثانى الذى يجعل قرار مرسى رائعا هو انكشاف تسلط الجماعة وغطرستها وغرورها وغبائها، وتصميمها على منهج الاستحواذ والإقصاء، وهو ما يجعل أى ضعيف الإيمان بحقيقة الإخوان يؤمن بأنها جماعة مستبدة فاشية وكل منقِّب عن أى بقعة نور فى هذا العقل الإخوانى يدرك مدى عتمته.
الأمر الثالث هو ظهور الحقيقة التى كان البعض يتشكك فيها عن طيبة أو سذاجة، وهى حقيقة قلناها وأكدناها، أن الحكومة الحالية بوزراء عدلها وداخليتها ومحليتها وتموينها وشبابها وعمالها وقنديلها المنطفئ وثامنهم النائب المخصوص، هى حكومة تزوير الانتخابات بامتياز، جاءت لهذا السبب واستمرت لهذا الغرض، خصوصا أن مرسى فى زحمة مبرراته الواهية لعدم إقالة الحكومة زعم أن تشكيل حكومة جديدة تستمر شهرين أمر يدفع إلى عدم الاستقرار، مع أن حكومة محايدة للإشراف على الانتخابات لا يجوز لها فعلا تجاوُز شهرين، ومع ذلك فإن هذه الحكومة القنديلية بقرار مرسى وبهذا الأداء «الرضيع» (...) ستستمر ستة أشهُر تقريبا حتى انعقاد البرلمان المزعوم وتشكيل حكومة الأغلبية المزعومة!
الأمر الرابع الرائع الذى يكشفه قرار مرسى هو هذا الامتحان الذى سينجح فيه البعض وسيفشل فيه البعض حين تحين لحظة مقاطعة الانتخابات، إنها لحظة تاريخية مدهشة تلك التى سنرى فيها مَن يقبل خوض انتخابات مزورة ويقبل أن يكون فيها كومبارسا أو طرطورا أو قرطاسا أو قمع مرور -نكاد نعرفهم بالاسم- ومن سيرفض فى كبرياء وكرامة أن يشارك فى هذه المهزلة الإخوانية، الفرز سيكون مهمًّا، خصوصا أن الساحة السياسية المعارضة فى حاجة ملحَّة إلى التخلص من الوزن الزائد على حمولتها الذى يعطلها أو يعوق حركتها أو يشوش قرارها أو يشوه وحدتها!
الأمر الخامس أن هذا القرار يكشف عن مدى تجاهل الإخوان للأقباط، إذ حددوا أيام التصويت خلال أعياد الأقباط، وهو ما يعنى أن هؤلاء المواطنين بمشاعرهم وشعائرهم ليسوا محلّ اهتمام ولا احترام هذه الفئة الحاكمة الباغية، وهو ما يكشف طائفيتها قطعا، فلا أظن أنهم كانوا سيحددون مواعيد للتصويت فى إجازة عيد الفطر أو فى العشر الأوائل من ذى الحجة مثلا أو يوم المولد النبوى، إنه قرار يعرِّى جهالة الطائفية!
لقد قلنا وكتبنا بعد فوز الحزب الوطنى بانتخابات برلمان ألفين وعشرة بعنوان واضح: «اشبعوا بيها»، ولقد كنا نعرف أنها طبخة مسمومة لحزب سلطوى نَهِم جاءت على دماغه، وهى نفس الخطيئة التى يرتكبها الآن الإخوان، وبالمناسبة رضوا وقتها بخوض الانتخابات بمنتهى الخسة السياسية التقليدية لديهم.
وليس لدينا إلا ما قلناه للطغيان السابق نقوله للطغيان الحالى الأكثر غرورا وغطرسة وجهالة، اشبعوا بيها... بالسم الهارى!