قلت لمقدم البرامج اللامع شريف منير عامر إن أحاديث مرسى فى لقاءاته الشخصية تترك أثراً لدى محدثه بالصدق وحسن النية، لكن للأسف أفعاله تأتى دائماً على النقيض من ذلك، فهى تنفذ «أجندة» الإخوان فى السيطرة والاستحواذ، وهى «أجندة» لا يبدو أن مرسى يملك حيالها أى تعديل أو تبديل، هذا إن كان يرغب أو يقدر على أن تكون له إرادة مستقلة إزاءها.
وقلت لمحاورى بقناة «الحياة»: إن مرسى لو اختار أن يكون رئيساً للجمهورية بالفعل، وأظهر إرادة مستقلة لشعر الناس أنه رئيسهم جميعاً ولوقفوا معه، لكن للأسف الوقت يمضى والمشاكل تظل بلا حلول لأن المخطط الذى يتم تنفيذه هو تمكين الإخوان وليس إيجاد الحلول للمشاكل المتفاقمة.
وأضفت أننى أرى فى محمد مرسى صورة للبطل التراجيدى الذى عرفناه فى الدراما الإغريقية القديمة مثل أوديب وبرومتيوس وأجاممنون، وهم جميعاً أبطال عظام لكن الأقدار وقفت لهم بالمرصاد وجعلت كلاً منهم يمضى إلى مصيره المحتوم لأنه يواجه قوى أكبر منه بكثير لا يملك حيالها خياراً.
وربما كان الفارق الأساسى بين بطلنا وبطل التراجيديا الإغريقية، هو فى المقاومة، فالبطل الإغريقى صار بطلاً لأنه قاوم هذه القوى ووقف فى مواجهة القدر ليحقق ما يرى أنه الصواب، ولو أنه استسلم منذ اللحظة الأولى لقدره ما كان بطلاً وما كانت هناك تراجيديا، لكن القوى الأخرى كانت دائماً أقوى منه فجعلته ينساق إلى قدره رغم كل شىء.
والبطل فى التراجيديا الإغريقية عادة ما يكون ملكاً مثل أوديب لذلك يكون سقوطه مدوياً، لكن دائماً ما يثار السؤال: هل هو المسؤول عن هذا السقوط أم أن القوى الأكبر منه التى لا يملك حيالها خياراً هى التى دفعته إلى ذلك؟ لقد دفعت هذه القوى أوديب لأن يخزق عينيه بيديه بعد أن اكتشف الإثم الذى أوقعته فيه الأقدار حين تزوج أمه دون أن يدرى.
وتعود هيبة التراجيديا فى مسرحية «أوديب» إلى التناقض الصارخ بين مشهد البطل فى البداية وهو ملك مغوار ينتصر فى حروبه على الأعداء، ومشهد النهاية وقد اكتشف أنه اقترف الإثم الأكبر دون أن يدرى فيفعل بنفسه ما فعل.
قال لى محاورى الشاب: أليس أمام الرئيس الفرصة كى يتحرر من القوى المسيطرة عليه؟
قلت: كنا ننتظر ذلك فى الشهر الأول لولايته، ثم فى الشهر الثانى بعد أن عزل قادة الجيش، ثم فى الثالث، ثم الرابع.. لكنى الآن بعد ثمانية أشهر أرى أنه يمضى قدماً إلى المصير الذى حددته له قوى أكبر منه والذى لا يملك حياله خياراً.