كيف يمكن لنا أن نفهم طريقة تفكير أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان؟! وكيف يمكن لنا أن نُدرك وجهة نظر هذه المجموعة الصغيرة التى تحكم مصر الآن؟! وكيف يتفقون معا على قيادة الوطن بهذه السرعة الجنونية نحو الهاوية؟!
جموع الشعب فاض بها الكيل، ومن ثم نتابع كل يوم، قطعا للطرق، وإيقافا للسكك الحديدية، وتعطيلا لخطوط المترو، بالإضافة إلى الاعتصامات والاحتجاجات والمظاهرات، التى لا تتوقف، فى طول البلاد وعرضها، وفى الوقت ذاته يتفشى العنف الوحشى فى جنبات البلد كله!
وقد وصل الأمر فى مدن القناة الثلاث، إلى حالة خطيرة جدا من العصيان المدنى، خصوصا فى بورسعيد، التى يشتعل أهلها غضبا بسبب ما يتعرضون له من ظلم بيّن.
ومشكلة نظام مرسى وجماعته مع القضاة ما زالت مشتعلة، فعموم أعضاء النيابة ومعظم القضاة مصرون على رحيل النائب العام الذى عينه مرسى عن طريق إعلان غير دستورى، رفضه الشعب، وهذا النائب العام سبق له أن قدم استقالته مكتوبة، ثم ادعى أنه كتبها (بجبن) تحت تهديدات وضغوط من مرؤوسيه! ومن ثم تراجع (بخسة) عن استقالة وقّع عليها بقلمه، مثلما يتراجع رئيسه فى قراراته المتخبطة!
أما موقف نظام مرسى وجماعته من المعارضة السياسية المتمثلة فى جبهة الإنقاذ الوطنى، ففى غاية الحماقة، إذ يهاجمونهم كل يوم بمنتهى الشراسة فى مختلف وسائل الإعلام الحكومية والتابعة لهم، ويتهمونهم بتخريب الوطن، ثم يدعونهم إلى حوار وطنى فى القصر الجمهورى! وفى النهاية لا يستجيبون لأى من طلباتهم المشروعة!
ويبدو أن مرسى وجماعته، قد تلقوا تعليمات من الخارج، بالتعاون مع الفلول ومصالحتهم، حتى تستقر الأحوال فى البلد، على أساس أن كل ما يحدث فى مصر، يتم بتعليمات مباشرة من الفلول! وهذا تحليل خاطئ وغبى، وكانت نتيجته إخراج القتلة واللصوص من السجون، وفى الوقت ذاته، الاستمرار فى سياسة قتل الثوار، واعتقالهم وتعذيبهم!
أما آخر حماقات نظام الحكم، فكانت هذه الشائعة العبثية التى تم إطلاقها عن إقالة وزير الدفاع وبعض قيادات القوات المسلحة، مما أدى إلى رد فعل عنيف من الناحية الأخرى، ونُشر على لسان مصدر عسكرى قوله إن الجيش لن يسمح بتكرار سيناريو طنطاوى وعنان! ثم خرج تصريح للمتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة قال فيه إنهم لا يتعاملون مع الشائعات! وليخفف الرئيس من غضب الجيش أرسل لهم خطاب شكر على تأمين مؤتمر التعاون الإسلامى الذى عُقد منذ أسبوعين!
كل هذا حدث فى بضعة أشهر من حكم الإخوان! وها نحن بعد ستين عاما، من حكم عسكرى ديكتاتورى، فاشل وفاسد ومتخلف، وصل بنا الأمر إلى أن يتمنى كثير من الناس عودة الجيش مرة أخرى، وتدخله بقوة السلاح لإنهاء حكم الإخوان، وفرض سيطرته على شؤون البلاد، وإذا كنت أرفض عودة حكم العسكر، إلا أن ثمة سؤالا مطروحا حار فيه العقلاء، وهو: كيف أوصلوا المصريين إلى هذا الحال؟!