ربما تلاحظ مندهشا أن أغلب الذين عينوا أنفسهم أبواق نفاق وتبرير ودعاية رخيصة لـ«جماعة الشر» المتمددة حاليا على صدر الوطن (نسبة كبيرة من هؤلاء المنافقين كانوا كذلك أيام المخلوع وولده) لا يحتشمون ولا يخجلون من استخدام وسائل خداع وكذب وتضليل يظنونها خبيثة ولئيمة جدا، لكنها لا تخلو من طرافة ولطافة وشىء من التنكيت البايخ يجعلها مستقرة فى قلب المسخرة الفاقعة شخصيا.
وللأمانة والحقيقة فإن هناك سمات ومواصفات قياسية ثابتة وموحدة يلتزم بها أغلب قطيع الردح الإخوانى وهم يعكفون على إنتاج الأكاذيب، أبرزها وأوضحها تعمد تجاهل أصول المشكلات والكوارث والبلاوى التى تصنعها جماعتهم فى البلد وأهله والهروب منها إلى دروب فرعية وطرق التفافية والإمساك بأشياء وحاجات لا علاقة لها بالموضوع، من أشهرها وأكثرها شيوعا تحميل منابر الإعلام الحر (وهى قليلة عددا لكنها ناجحة ومؤثرة) المسؤولية عن كل مصائب الجماعة وجرائمها وفشلها وخيبتها القوية، ومن ثم كيل الشتائم والسخائم والبذاءات وشتى أنواع الاتهامات الواطية للإعلام والإعلاميين ومعهم نخبة المجتمع المثقفة المتعلمة والمستقيمة أخلاقيا ولديها ضمير.. لماذا؟! لأن الإعلام الحر النزيه التزم بواجبه المهنى والوطنى وبث أو نشر أخبار الكوارث والجرائم والخيابات، واستحضر ما تيسر من النخبة الشريفة (مع أنطاع كُثر من أتباع الجماعة ومنافقيها المنتشرين كالجراد على كل الشاشات) للتعليق على هذه الأخبار وتبصير الناس بما تنطوى عليه من مخاطر وفظائع!!
طبعا المعنى هنا واضح وضوح الشمس فى كبد النهار، وهو أن «الإعلام الجيد» عند الست جماعة الشر وأبواقها وأتباعها المخلصين هو ذلك الإعلام الخايب الكذاب الذى يقلب الحقائق أو يتجاهلها ويخرس خالص عن أخبارها، فإن فعل العكس صار إعلاما مجرما ومحرضا، أو كما قال أحدهم (كان يحظى باحترام شديد قبل أن يَمل و«يزهق» من هذا الاحترام) أول من أمس بالنص: «لا صوت يعلو فوق صوت التخريب والهدم والتحريض فى الإعلام المصرى هذه الأيام. فثمة سعى حثيث لتفجير العلاقة بين النظام القائم والجيش»!!
هذه الكلمات كانت استهلالا لمطولة هجاء وذم وهجوم عنيف على الإعلام (تتكرر يوميا تقريبا) وقد بدا صاحبها كالعادة، يلوذ بشتم «ناقل الكفر» هربا من أصل الموضوع الخطير الذى فجرته واقعة التسريب العمدى «الاختبارى» لنبأ يتحدث عن نية جماعة الإخوان استكمال تهورها واندفاعها الأحمق فى تنفيذ خطة «التمكين» وزرع أعضائها وأنطاعها (ولو كانوا بؤساء فقراء من أى مؤهلات أو كفاءة أو حتى حد أدنى من التعليم) فى مفاصل الدولة المصرية ومؤسساتها الحيوية، وأن الجيش الوطنى بجلالة قدره ليس استثناء ولن ينجو من الغزو، بل هو على وشك التعرض لعملية سطو على قيادته العليا واستبدال أخرى موالسة ومتعاونة بها، كما حدث مع جهاز الشرطة قبل أسابيع!!
ومن عجب أن أول من بث هذا النبأ «الاختبارى» كان موقعا إلكترونيا إخوانيا (كذبوه بعد ذلك ونسبوه إلى وسيلة إعلام روسية نقلته فعلا عن الموقع المذكور) ومع ذلك فالشتم والسب والاتهام بالتحريض على «تفجير العلاقة» بين الجيش ونظام الجماعة الفاشى الفاشل، انصب على الصحف ووسائل الإعلام الأخرى التى لم يكن فى استطاعتها تجاهل واقعة مثقلة بكل هذا القدر من الأهمية والخطورة!!
غير أن الغل والغيظ اللذين عبرت عنهما ببلاغة تلك المطولة الهجائية المشار إليها آنفا، بَدَوَا كاشفين وفاضحين لقسوة وقوة الصدمة التى تلقاها من أطلقوا على سبيل الاختبار نبأ أحدث تجليات التهور والغشم واللعب فى الممنوع، إذ هبت عليهم عاصفة هوجاء كاسحة أوقعتهم فى شر أعمالهم.. لكنى لا أعتقد أنها ستشفيهم من داء الحماقة والغباوة والجنان الرسمى، وإنما أرجح العكس، أن تتمادى جماعة الشر فى غيها وغرورها حتى تندحر وتندفن وتذهب فى ستين داهية.