المفروض طبعاً أن أنساق إلى الكتابة عن إقالة دكتور خالد علم الدين من منصبه كمستشار شئون البيئة لرئاسة الجمهورية وكيف أن الإخوان مالهمش صاحب حيث أن تصميمهم الفكرى والروحى يمنعهم من أن يكون لهم أى صاحب بخلاف مصلحتهم.. كما انه يمكننى ايضاً أن اتحدث عن عجائب ذلك الزمن العبثى الذى يجعل من شخص لا يعرفه أحد من المصريين أساساً حديث الساعة وضيف جميع برامج التليفزيون فى يوم واحد لمجرد أنه تمت إقالته بشكل غامض من منظومة إفتراضية غير موجودة أساساً على أرض الواقع حيث أتأكد يوماً بعد يوم من صحة تصوراتى وإعتقادى فيما يخص ان الإخوان ليسوا سوى «سوفت وير».. مجرد برنامج كمبيوتر حَمَّلناه على أجهزتنا العقلية.. ليس أكثر ولا اقل.. حاجة زى فيلم ماتريكس.. ومجرد تدليت البرنامج من أدمغتنا سوف يجعله كأن لم يكن.. لهذا لن أنساق إلى الكتابة عن شغل إبتدائى بتاع الإخوان وعن حركاتهم المراهقة التى لا ينبغى لعاقل ان يأخذها مأخذ الجد.. فهم ليسوا سوى مجموعة من المراهقين الممزقين نفسياً بين ماضى طويل من الفشل فى لعب دور الكومبارس وبين حاضر قريب من الفشل فى لعب دور الأبطال الذين لا يصلحون أصلاً لآدائه.. ولكم ان تتصوروا بأنفسكم كمية الأمراض النفسية التى قد تنتج عن كل ذلك الفشل والخداع للذات وعدم مصارحتهم لأنفسهم بقدراتهم الحقيقية المتواضعة والتى عندما يحاولون التعبير عنها تخرج منهم على هيئة تصرفات غشيمة ومراهقة.. لهذا لا تنشغلوا كثيراً بكل تلك الأحداث التى لا نكاد نلحق بها من فرط تتابعها.. فهى ليست سوى تحابيش لملء الوقت.. وكل تلك الحقبة الملعبكة والخنيقة والضاغطة على أعصابنا والجاثمة على صدورنا التى نحياها الآن ليست سوى مجرد فاصل إعلانى كوميدى خفيف بين فقرات برنامج تاريخ مصر.. كل ما يحدث الآن فى أى حاجة تخص أى شيء ليس سوى هرطشة.. محض هرطشة..
المفروض طبعاً أن أنساق إلى الكتابة عن بالونات الإختبار الساذجة والمهروشة والرخيصة من قِبَل الإخوان فيما يخص تسريبهم لخبر إقالة الفريق السيسى لمعرفة رد فعل الناس والجيش ثم تأكيدهم بعد ذلك على ثقتهم فى الجيش وفى قيادته.. وهى نفسها الثقة التى أكدوا عليها فى كل من خانوهم واطاحوا بهم طوال مشوار علاجهم النفسى المفتوح فى مستشفى جمهورية مصر العربية للأمراض النفسية.. ذلك العلاج الذى يعتمد فى الأساس على إخراج ما بداخلهم من طاقة غضب وحقد تجاه أنفسهم والوطن والمجتمع والناس.. متخذين من شخصية المعلم «أبو الهدد» أو المتفرد «محمد رضا» فى فيلم «الراقصة والطبال» بطلاً لهم فيما يخص أنه.. «صحيح يا جدعان.. من هد وجد».. لهذا بعد هد كل تلك الوزارات التى لا مجال لبقائهم سوى بهدمها فكرياً ومعنوياً.. ها هم بصدد المؤسسة الكبيرة.. الرقم الصعب فى معادلتهم للوصول بالبلاد إلى حافة الهرطشة.. وقد يسأل سائل فى ذلك الإطار.. «طب ويخربوا البلد ليه إذا كانوا همه اللى بيحكموها»؟!.. والإجابة.. «أُمال همه مرضى نفسيين ليه.. ما هو عشان كده».. هذا بالإضافة إلى أننا كما أخبرتكم بداخل ماتريكس.. وبداخل ماتريكس كما تعلمون.. كل الأشياء غير المنطقية تكون متاحة.. لهذا لا تنساقوا إلى الدخول فى لعبة الكمبيوتر تلك.. ولتدعوهم لبالونات إختبارهم الساذجة والمفقوسة والعبيطة والتى سوف تفرقع فى وجوههم قريباً من فرط النفخ!
إذن.. سخنت اللعبه واقتربت المسرحية من نهايتها وبدأ الجميع فى رمى الإفيهات اللى معاه بسرعه عله يصل فى سباق الحصول على أكبر سوكسية إلى كمية التصفيق الملائمة لحصوله على دور أكبر فى المسرحية التالية..
ولأننا فى عصر خراب المسرح.. لذلك كان منطقياً أن تأتى الدراما متهربده بذلك الشكل الفج والمبتذل الحادث حالياً.. ولأنه مسرح دوله.. لذلك لا يهتم أحداً بحضور الجمهور من عدمه.. فالعرض كده كده شغال.. سواء امتلأت الصالة بالجمهور أم لم تمتلىء.. سواء كان ناجحاً أم فاشلاً.. سواء جاب فلوس أو ماجابش.. كده كده شغال..
إنه ليس أكثر من فاصل إخوانى بين فقرات برنامج مصر.. فاصل قصير.. اقصر بكثير مما تظنون.. ربما كان سخيفاً.. ربما كان فجاً.. ربما كان خنيقاً.. إلا أنه فى جميع الأحوال يظل فاصل.. مجرد فاصل وحيعدى