الجملة للكاتب الأشهر محمد حسنين هيكل، أما المعنى المتداول الذى يعرفه الناس فهو تسليم المسكن جاهزاً للسكن مباشرة.
أما المناسبة التى قيلت فيها هذه الجملة فقد جاءت تعبيراً دالاً وموجزاً وجازماً عما فعله المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية بمصر، حيث سلّم من لا يملك مصر لمن لا يستحق «الإخوان المسلمون».
أما التفسير والتفصيل فمن عند كاتب السطور، حيث بدأت عملية تسليم المفتاح بعد ثورة 25 يناير مباشرة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت عبر سنوات ليست بالقليلة وتزيد قليلاً على عشر سنوات فى نسج خيوط شبكة اتصال مع الإخوان المسلمين. لذلك كان من الطبيعى بعد الثورة الشعبية المصرية أن تُقدِم الولايات المتحدة على إعطاء الإشارات على تغيير زمرة نظام مبارك، بعد أن عانى من فقر الشعبية وبؤس فى سياساته واتساع فى فساده، وكان من الطبيعى أن يتم نقل السلطة حسبما جاء فى الدستور، إلا أن الولايات المتحدة تلاقت مع رغبة الرئيس المخلوع فى تسليم السلطة للمجلس العسكرى بدلاً من رئيس المحكمة الدستورية.
فالمجلس وحده هو القادر على حماية المصالح الأمريكية فى مصر. وهذا ما حدث وما تحقق فى الواقع، حيث رأت الولايات المتحدة إمكانية مجىء حركة إسلامية ذات وزن جماهيرى ولها ظهر من الشعبية حتى تكون تكراراً لنموذج طُبق فى تركيا من حزب العدالة والتنمية، الذى حافظ على عضوية تركيا فى الحلف الأطلسى، كما رأى المجلس العسكرى فى جماعة الإخوان سنداً شعبياً له فى قيادة المرحلة الانتقالية، وفى إنهاء الثورة بقدر من تزاوج العنف والسياسة وتزاوج بين شعبية الحركات الإسلامية، وفى القلب منها الإخوان، وقرارات الإدارة المصرية الموروثة عبر أجهزة الدولة، والواقعة تحت سيطرة المجلس العسكرى.
لذا كان طبيعياً أن يكون هتاف المتظاهرين الإسلاميين: يا مشير إنت الأمير. وهكذا تم الاتفاق والتواطؤ، وبدأت عملية تسليم المفتاح، وكان الراحل عمر سليمان هو الفاتحة فيها، حيث تعرف على الطلبات أثناء اللقاءات التى تمت أثناء الثورة، ووافق على بعضها ورفض البعض الآخر، ثم انتقل الحوار إلى المجلس العسكرى فى اجتماعات منفصلة مع قيادات الإخوان، واجتماعات شاملة للقوى السياسية المصرية، وكانت المعركة الأولى التى حُسمت لصالح الإخوان هى معركة الدستور أولاً أم الانتخابات، وما نعانيه الآن من جراء الانتخابات أولاً حسبما تم الاتفاق بين الإخوان والحركات الإسلامية والمجلس العسكرى، وتوالت بعد ذلك الأحداث إلى أن تم تسليم المفتاح، ويكفى هنا أن أشير إلى تلك الأحزاب الإسلامية الطائفية، التى ظهرت على الساحة السياسية خالية من أبناء الوطن من مواطنين مسيحيين، ومسنودة بجماعات غير قانونية، كان ذلك كله ضد القانون والإعلانات الدستورية، لكنه جاء متسقاً مع فكرة تسليم المفتاح.
جاء متسقاً مع التواطؤ الذى حدث بين الولايات المتحدة والمجلس العسكرى والدورين التركى والقطرى وحركات الإسلام السياسى، وفى القلب منها «الإخوان».