يتداول السوهاجية القصة الشهيرة التى تمت بحضور الجمهور، قيادة أمنية تمر بضابط شاب يقف فى كمين، القيادة تسخر من الضابط «بتشتغل؟ طيب برافو.. بس لما تحصل لك مشكلة ماتجيليش تعيّط»، الضابط الشاب يعلنها صريحة «وعلى إيه يا باشا؟»، ثم يوجّه الأمر للأمناء والجنود «يلّا يا ابنى انت وهوّ لموا لى الكمين ده»، تجمع الداخلية الكمين وتنصرف، بينما الناس تتابع المشهد وهى تضرب كفًّا بكف.
كانت البداية بسرقة السيارات عينى عينك، يتم توقيف المواطن فوق الكوبرى الجديد وسحب سيارته على وعد بردّها إليه بعد تحديد الدية المناسبة، فى إحدى المرات توجَّه الشاب الذى فقد سيارته إلى قسم الشرطة، عرض عليه مفتش المباحث عدة صور للمشتبه فيهم، تعرَّف الشاب على أحدهم، فقال له الضابط «آه.. ده فلان الساكن فى الحتة الفلانية»، اعتبر الشاب كلمات الضابط بشارة خير، إلا أن الضابط اعترف له أنه لا يقوى على اقتحام المنطقة التى يقيم فيها سارق السيارة، فكان أن دفع الشاب عشرة آلاف جنيه لاستعادة سيارته، بعدها بأيام تم اختطاف الشاب نفسه.
وهكذا بدأت سلسلة خطف المواطنين فى سوهاج والمطالبة بفدية مقابل الإفراج عنهم، حوادث متعاقبة لم تضع الشرطة نهاية لواحدة منها، لأنها لم تتدخل أصلًا، حتى وقفات المواطنين الاحتجاجية التى تطورت إلى قطع شريط السكة الحديد اعتراضًا على خطف تاجر معروف مؤخرًا لم تحقق النتائج المرجوّة.
الحوار مع المحافظ ينتهى بالإحالة إلى مدير الأمن، مع التأكيد أن المحافظ ليست له كلمة على الداخلية، يقولون له المدينة صغيرة ومجرد وجود شكلى للشرطة فى الشارع سيردع أى شخص، لكن لا حياة لمن تنادى.
استمرار الضغط جعل مدير الأمن يلتفت أخيرًا إلى شكوى المواطنين من الذعر الذى يعيشون فيه، فأقام اجتماعًا مع الأهالى وعائلات المخطوفين وكبار المدينة فى نادى الشرطة، لكن الاجتماع تحول إلى مناسبة للدعاية السياسية، فكان أن تصارع مناديب أحزاب النور وحزب الحرية العدالة على الميكروفون للتعبير عن مشاعرهم فى مثل هذا الموقف، تكلم مناديب الأحزاب أكثر مما تكلم المسؤولون، وكانت الفرصة مواتية لهم لسرقة الأضواء مع بداية الموسم الانتخابى، الأهالى كانوا غير مصدقين تلك المهزلة التى يعيشونها على الهواء، وطالبوا بوضع حدٍّ لها، فكان أن تكلم مدير الأمن، فطالب المواطنين باحتواء شباب الداخلية، أشقائهم الضباط، وأن يعينوهم على العمل.
على بعد مسافة من الاجتماع كان اللصوص يدخلون إلى إحدى الصيدليات المعروفة بالمدينة، شاهرين أسلحتهم، فقالت لهم الطبيبة بثبات «الصيدلية كلها تحت أمركم»، فنهبوا النقود والأدوية وانصرفوا سالمين.
السوهاجية يسألون: ما العمل مع الداخلية؟
الداخلية تعلم بالضبط أماكن وجود المجرمين، لكنها لا تقوى على أن تقترب منهم أو ربما تقوى، لكنها تتقاعس بمزاجها، وحوادث الخطف والسطو تتكرر، ورجال السياسة الجدد هناك مشغولون بالانتخابات، والحل الوحيد أن يغلق السوهاجية ملف الداخلية من حياتهم تمامًا ويضعون النظام على جنب ويعتمدون على أنفسهم فى تطهير المدينة، هم أهل لذلك، ولكن -لمن يهمه الأمر- قد يعنى هذا فى أى لحظة ولأتفه سبب بداية حرب أهلية طويلة.. إنتوا ماتعرفوش الصعايدة.