«مأساتنا عشق الطغاة كأننا.. لم ننسَ بعدُ عبادة الأصنام».
تلك هى الأزمة.. أزمة وطن وأزمة بشر، لخصها شعرا صديقى أحمد بخيت، لذلك لم أعد أتعجب عندما تخرج مظاهرات غاضبة تطالب الرئيس مرسى بأن يضرب بيد من حديد على رؤوس معارضيه، يطالبونه بمزيد من تكميم الأفواه، وقطع الألسنة، يشجعونه على أن يضع وراء كل باب أذناً تسمع وعيناً ترى، ويداً تكتب التقارير، لتبلغ مكتب الإرشاد. ولأن الرئيس «معذور» من وجهة نظر مؤيديه، فإنه لا يجد حرجا من الاستجابة لرغبات الأهل والعشيرة الذين يظنون أن «الدولة العميقة» مازالت قادرة على مقاومة الأخونة، وإجهاض مشروع النهضة العظيم، الذى تحول من «حبر» على ورق الدعاية الانتخابية لمرشح الجماعة إلى «بضاعة أتلفها الهوى»، وبالتالى كان لابد من «خلخلة» هذه الدولة، واللعب فى أساسها، ليستبدل الرئيس والجماعة رجالهم، بمن يرون أنهم «يقطعون» طريق النهضة.
من هذا المنطلق، تم تعيين وزراء ومحافظين ورؤساء مجالس إدارات وموظفين كبار، ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين فى العديد من مؤسسات الدولة الحيوية، ولا أحد يستطيع أن يلوم الرئيس والجماعة فى ذلك، فالحزب الذى وصل إلى رأس السلطة من حقه – كما يحدث فى أوروبا والدول المتقدمة – أن يشكل الحكومة ويعين الوزراء والمحافظين.. صحيح أنهم فى أوروبا والدول المتقدمة إذا اكتشفوا أنك ناجح فى مجالك، وأنك مفيد للوطن، لا يشطبون اسمك الذى حفرته على الصخر ليضعوا مكانك « تابعا» منتميا لهم، بغض النظر عن مواهبه وقدراته، لكن هنا فى مصر فإن الوضع إلى حد بعيد مختلف، لأنك كلما كنت تابعا خانعا، ضعيف المستوى، عديم الموهبة، كان ذلك أفضل لكى تؤمَر، فتسمع وتطيع، وتنبطح ولا تجادل، وإلا فبم تفسر حضرتك – يا جناب القارئ المحترم – خبر تعيين الدكتور ياسر على، المتحدث السابق باسم رئاسة الجمهورية، فى منصب رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء؟
أرجو ألا تظن أننى أقصد الإساءة لشخص الدكتور ياسر على الذى يشهد من يعرفونه بدماثة خلقه، الأزمة ليست فى شخص ياسر على، لكننى فقط كنت أفتش فى دفاتر مؤهلاته عن «ثغرة» ينفذ منها إلى هذا المنصب الجديد، فلم أجد، فالرجل – حسبما تنشر صفحات الإنترنت- كان يعمل مديرا للجودة فى مستشفى بالعاصمة السعودية «الرياض» لمدة أربع سنوات، وهو فى الأصل طبيب أمراض جلدية، انضم إلى الجماعة عام 1987، وكان المتحدث الإعلامى لحزب «الحرية والعدالة»، وبعد انتخاب «مرسى»، أصبح المتحدث الرسمى باسم الرئاسة إلى أن تسببت تصريحاته فى عدد من الأزمات داخل قصر الرئاسة – حسبما نشر – فكان لابد من إبعاده عن هذا المنصب المهم، فذهب إلى منصب لا يقل أهمية «رئيسا للمركز الذى يقدم المعلومات للحكومة»، ويساعدها على اتخاذ القرارات «الصائبة».
«قال يعنى هى ناقصة».!