(1)
أحلام الأمس حقائق اليوم (حسن البنا)
احذر مما تحلم..
(2)
«إنه قلب امتلأ بالكراهية لكل ما هو إسلامي.. أمثالك من دعاة التغريب وأصحاب الأهواء لا يمثلون مصر الحقيقية.. الإخوان خُلقوا ليُخلدوا».
كانت هذا تعقيب حسن علام على مقال الصديق عمرو عزت «إنه البنا حسن» في موقع «المصري اليوم».
تعليق علام كان واحدًا ضمن تعليقات كثيرة لمحبي مؤسس جماعة الإخوان اتهمت عمرو في دينه وأخلاقه وضميره، لأنه انتقد الشهيد حسن البنا ومشروعه.. ويبدو أن تعقيب حسن كان «قويًا»، فقد حظي بإعجاب أكثر عشرة من محبي البنا.
كلنا تعلمنا أن حسن البنا من مؤسسي تيار الاعتدال.
السؤال.. لماذا أنصاره المعتدلون هكذا؟
(3)
يقول حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا في اجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد الذي عقد في 8 سبتمبر 1945: «قولوا لهؤلاء المتسائلين نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة، نحن طريقة صوفية.. نحن جمعية خيرية.. نحن مؤسسة اجتماعية..نحن حزب سياسي نظيف يجمع الكلمة ويبرأ من الغرض ويحدد الغاية».
أنت لم تفهم.. صح؟
أنا أيضًا لا أفهم.. ما علاقة شمولية الإسلام بتأسيس تنظيم شمولي يقوم بدور الحزب السياسي والطريقة الصوفية، ثم يصف نفسه بأنه دعوة القرآن الحق.
الإسلام دين يتعرض لشؤون حياتك.. لكن ما علاقة هذا بإنشاء تنظيم يتعرض لشؤون حياتك؟
أنا لو نافست هذا الحزب السياسي في انتخابات نقابتي أو دعمت غيره، فماذا سيقول عني أتباعه وأنا أنافس دعوة القرآن الحق.
ربما انتبه البنا لتساؤلاتنا، فأكمل موضحًا:«قد يقولون بعد هذا كله مازلتم غامضين فأجيبوهم.. لأنه ليس في يدكم مفتاح النور الذي تبصروننا على ضوئه.. نحن الإسلام أيها الناس فمن فهمه على وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه، فافهموا الإسلام».
قال لك: نحن الإسلام أيها الناس..
أظن الرجل كان واضحًا من الأول.
(4)
الانحراف الطفيف في بداية الطريق يؤدي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق.. سيد قطب أحد أهم تلاميذ البنا متحدثًا عن أمر آخر غير البنا.
(5)
يقول البنا في رسالة دعوتنا: «وكل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدًا من أربعة»:
«مؤمن».. وأظن مفهومة.
«متردد» وهذا يصفه البنا بأنه «شخص لم يستبن وجه الحق، فهذا نوصيه بأن يتصل بنا عن كثب، ويقرأ عنا فسيطمئن بعد، وكذلك كان شأن المترددين من اتباع الرسل من قبل».
س: قال شأن المترددين اتباع من حضرتك؟
ج: الرسل يا فندم.
ولكن من الوارد أن تقرأ عنهم وتتصل بهم فلا تقتنع بأفكارهم ولا يطمئن قلبك لهم.. لا تقلق.. هناك خانات أخرى يمكن أن تكون بينها.
«نفـعي».. وأظن مفهومة أيضًا.
«متحامـل».. ويصفه البنا بأنه «شخص أساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه، فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم، ولا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرج المتشكك، ويأبى إلا أن يلج في غروره ويسدر في شكوكه ويظل مع أوهامه».
قال لك: يلج في غروره ويسدر في شكوكه ويظل مع أوهامه..
ويضيف البنا: فهذا ندعو الله لنا وله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ولقد أنزل الله على نبيه الكريم في صنف من الناس: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ).
وهكذا.. فقبل سبعين عامًا البنا كان يريدك أن تختار مكانك من بين الأربعة.
واليوم يتردد كلام ما على «فيس بوك» عن مخالفي الإخوان والرئيس محمد مرسي، فتتعجب كيف يقول الدعاة المعتدلون كلامًا كهذا.
البشر كائنات طيبة بطبيعتها..
(6)
عندما يُذكر اسم حسن البنا يتداعى أمامي دوره في حشد المتطوعين في حرب 48 وجهوده الدعوية والخدمات الاجتماعية المخلصة التي قام بها أبناء تنظيمه للمصريين خلال عقود.
أحب حسن البنا وأراه عظيمًا.
لماذا؟ لأنه ببساطة عظيم.
المشكلة أن أغلب العظماء لا يُنتقدون.. لذلك أغلب العظماء يذهبون بنا إلى الخراب.
البنا أخطأ وأصاب.. ورأيي أن صوابه غلب خطأه.. المشكلة فيمن حوّل خطأه وصوابه إلى دين يبايع الناس عليه.
(7)
يضيف البنا في رسالة دعوتنا: «الفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا في الإيمان بهذا المبدأ أنه عندهم إيمان مخدر نائم، على حين أنه إيمان ملتهب يقظ في نفوس الإخوان المسلمين».
عندك إيمان نائم وعندهم متيقظ..
عندما ستقرر خوض انتخابات اتحاد الطلبة أمامهم في كليتك فأنت بإيمانك النائم ستخوض انتخابات ضد من إيمانهم يقظ.. صدقني لن يروق لك كثيرًا ما سيقولونه عنك.
لا تتعجب وتذكر لحظتها أنهم يفهمون الإسلام بطريقة ما، يقول البنا في رسالة التعاليم: «وأريد بالفهم أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة.. وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود هذه الأصول العشرين».
قال لك: وأريد بالفهم أن تفهم الإسلام كما نفهمه..
أي تعليق مني هراء لا جدوى منه.
(8)
يقول البنا في رسالة التعاليم «الثقة هي اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانًا عميقًا ينتج الحب والاحترام والطاعة».
مفهوم أن تثق كعضو في الجماعة ــ جندي حضرتك وفقًا للبنا ــ باعتبار أن كلنا إخوة ونثق في دين بعضنا.
تسألني.. لكن ما معنى «اطمئنان إلى كفاءته»؟.. كيف أطمئن إلى أن محمود غزلان متحدث كفء وأنا أراه يخطئ كثيرًا؟
لا ينسى البنا الإجابة عن هذا السؤال فيضيف «يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة.. هل هو مستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب في المسائل الاجتهادية».
أنت خطأ والقيادة صواب.. حتى احتمال أنك صواب وهم أصوب استبعده البنا.. فلكي تكون أخًا صادقًا أنت خطأ وهم صواب.
فيما بعد سيرسل محمد مرسي خطابًا مهيًنا إلى بيريز، فلن تجد رجلاً في الإخوان ينطق وستسمع سفالات عن أنه أداء بروتوكولي لا يضير، فيما بعد سيأمر بديع «جنوده» بفض اعتصام، فتندلع اشتباكات واسعة يُقتل خلالها وتُزهق خلالها عشرات الأرواح، فلا تسمع رجلاً يسأل لماذا نفض معتصمين في خيام بينما تم إلقاء المولوتوف على القصر الرئاسي فيما بعد، ولم يتحرك أحد منا أصلاً.
الإجابة.. افترض في نفسك الخطأ وفي القيادة الصواب.
الاعتدال له مفاهيم مثيرة للاهتمام أحيانًا.
(9)
كان حسن البنا رجلاً عظيمًا..
كان رجلاً فأنشأ تنظيمًا من أنصاف الرجال، يرتعشون عندما ينتقد أخوهم في الله خطأً وقعت فيه قيادتهم علنًا.. كان عظيمًا فأنشأ كيانًا يفتخر بعظمة من خرجوا منه أكثر مما يفتخر بعظمة من بقوا فيه.
(10)
ويواصل البنا في رسالة التعاليم حول الاسئلة التي يجب أن يسألها الأخ الصادق لنفسه: «هل تملك القيادة حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة؟».
فالتنظيم يملك ــ وفقًا للبنا ــ أن يتدخل في حياتك الشخصية ويرجح لك ما تفعله وفقًا لمصلحة الدعوة.
الرجل كان واضحًا.. جنودًا ومجاهدين.
فيما بعد علمنا أن من سعى لعسكرة التنظيم لن يضير أتباعه عسكرة الوطن.
(11)
أحلام الأمس هي حقائق اليوم.
كان حسن البنا يحلم.. فأصبح صبحي صالح حقيقة.
روابط تجدر الإشارة إليها:
تحقيق الزميل أحمد حربية: نحن الإسلام أيها الناس
http://ymeenshemal.blogspot.com/2013/01/blog-post.html
مقال الزميل عمرو عزت: إنه البنا حسن
http://www.almasryalyoum.com/node/1470261
