يمتاز الأستاذ محمد مهدى عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان، بأنه يقول ما يكتمه غيره، فهو صاحب الكلمة الشهيرة «طُزّ ف مصر»! كما أنه سبق أن أيَّد عَلَنًا ترشيح مبارك للرئاسة، بل وأيَّد ترشيح جمال مبارك للرئاسة، ولكن بشروط! فالجماعة كانت مستعدة لتسليم البلد كله لابن المخلوع إذا ما حصلت على بعض الامتيازات!
ومنذ أيام قليلة تكلم الرجل فقال عجبًا! إذ قال إن المطالبة بمحاكمة المجلس العسكرى (المسؤول عن قتل مئات المصريين) تُعتبر «قلة أدب»! فما دام العسكر سلّموا البلد للجماعة، فعلينا أن نغفر لهم كل خطاياهم!
وقد عبّر المرشد السابق عن عدم رضائه عن أداء الرئيس مرسى، لأنه «متسامح وطيب أكثر من اللازم، خصوصا فى الوقت الذى يقوم فيه البعض بالخروج عن الاحترام»، ومن ثم فقد دعاه إلى قطع رقاب الموجودين أمام قصر الاتحادية! ولم يدعُه إلى محاكمتهم، لأن المحاكمات تستغرق وقتا طويلا، والرجل يريد أن يحافظ على الوقت، لذلك فمن الأفضل أن نقطع رقابهم ونخلص!
ويبدو أن المرشد السابق لا يعلم ما يحدث من عمليات قتل متواصل، ولا يعرف الحقائق التى نشرتها صحيفة «التحرير»، ففى خلال الشهور الماضية، التى حكم فيها الرئيس مرسى، ارتفع من بيننا مئة شهيد، بمعدل شهيد كل 48 ساعة، معظمهم بالرصاص الحى، وطلقات الخرطوش، وبعضهم اختنق بقنابل غاز وزارة الداخلية!
وقد عبّر عاكف عن غضبه الشديد من مطالبة القوى الثورية بإقالة الحكومة، لماذا؟ لأنه لا يحق لهم ذلك، فهذا حقّ أصيل للرئيس مرسى وحده، وهكذا لا يحقّ لنا حتى أن نطالب بتغيير حكومة فاشلة!
وقد فاجأنا سيادة المرشد السابق حين أخبرنا أننا نعيش الآن فى أزهى عصور الحرية! وذكّرنا بما كان يقوله صفوت الشريف أيام المخلوع، لكنه -والحق يُقال- بيَّن لنا ما يقصده بدقة، حين أكد أن «مصر تعيش الآن أزهى عصور الحرية لأن جماعة الإخوان المسلمين منّ الله عليها بالحرية»، وهذا هو مفهومه لحرية مصر!
ودافع المرشد السابق عن الاتجاه الجديد لجماعة الإخوان حين قال: «ليس كل أبناء الحزب الوطنى فاسدين، وإن مرسى وقيادات إخوانية، ورجال أعمال مثل حسن مالك، يعملون معهم الآن وإنه لا إقصاء لهم». وواصل عاكف الحديث فى هذا الاتجاه، حتى وصل إلى العفو عن المخلوع وعصابته إذا ما كان فى ذلك مصلحة مصر، ولأننا نتذكر ما سبق أن قاله عن مصر، فهو يقصد هنا مصلحة الجماعة.
وهكذا يؤكد لنا عاكف، أنه لا مانع على الإطلاق من الإفراج عن المخلوع وعصابته جميعا، ومن ثم «نطرمخ» على دماء الشهداء، بل ونقتل المزيد منهم، إذا لزم الأمر، كل هذا وأكثر منه، إذا ما كان ذلك فى مصلحة الجماعة.
لذلك علينا أن نقدم الشكر للأستاذ عاكف على صراحته ووضوحه.