تم اختصار كل حلول مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية فى التسوُّل.
كل ما نسمعه من مرسى وحكومته وإخوانه هو لغو عن قروض قادمة.
ثم تحول الحديث عن قرض صندوق النقد الدولى إلى اعتباره سفينة نوح التى يلوح شراعها لإنقاذنا من فيضان الأزمة، وصار التعامل مع قرض الصندوق كأنه قدر محتوم لا مفرّ منه، بل نتمناه يا للعجب ونرجوه من الله!
وها هى حكومة الندامة والرضاعة تقوم بتعديلات على برنامجها للصندوق حتى يرقّ ويحنّ ويوقّع ويدفع.
وهذا عين العبث الذى يقوده محمد مرسى دونما ذرة من احترام الشعب وإرادته.
إزاى؟
لقد خوتنا الإخوان ومندوبهم فى الرئاسة بالكلام عن الاحتكام إلى الصناديق ولا بد من الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية، ورغم أنها ستكون انتخابات مسخرة وفُرجة للعالم ومزوَّرة بلا أى قيمة لو أدارتها حكومة الإخوان بقنديلها وداخليتها وعدلها ونائبها المخصوص، فإنها على الأقل طبقا للإخوان المدّعين ستكون تعبيرا عن إرادة الشعب.
إذن الواجب الذى يحتّمه العقل أن نترك للبرلمان القادم حق تقرير مصير قرض صندوق النقد، فمن الوارد جدا أن يعطله البرلمان ويرفضه.
لماذا يسرع محمد مرسى فى اغتصاب إرادة البلد بموافقة حكومته على قرض بشروطه وإجراءاته دون أن يترك فرصة للشعب ممثَّلا بنوابه أو حكومته المنتخَبة فى دراسته وقبوله أو رفضه أو العثور على حلول غير شغل الشحاتة والتسوُّل الذى لم يفعل مرسى وحكومته شيئا غيره منذ ركبوا على صدر البلد؟
اللجوء إلى القروض حلٌّ قديم بليد يلجأ إليه الفاشلون وأصحاب الخيال المحدود والعَجَزة عن إبداع حلول جديدة لمشكلات البلد، وقد أقدم مرسى وإخوانه على ما لا يعرفون غيره، وهو التبعية الفجَّة للاقتصاد الغربى والزحف على رُكَبهم وراء النظام الرأسمالى العالمى.
يبحث مرسى عن خلاص اقتصادى بالسّلف والاقتراض ولو على حساب مستقبل المصريين وأبنائهم الذين يتكلفون دفع فوائد لهذه الديون التى يغرقنا فيها حكم قليل الحيلة عاجز عن الحل، نتحمل ديون فشله على مدى السنوات القادمة.
العجيب هنا هو صمت المعارضين على هذا الاندفاع المهووس من حكومة الإخوان على فرض أمر واقع والالتزام مع صندوق النقد بقرارات وقوانين نهائية بينما يمكن أن يرفضها البرلمان القادم، وقد لا تريدها الحكومة المنتخَبة، فكيف بنا نسمح لهؤلاء الفشَلة بفرض أجندة اقتصادية ومالية على البلد مهما كان موقف الشعب؟
هذه صفاقة إخوانية غير مستبعَدة عنهم أبدا.
لكنها أيضا حالة استسلام وسكوت مريب من القوى الوطنية على قرطسة الشعب.