صحيفة «الشرق الأوسط» الدولية قسّمت الصفحة الأولى، أمس، إلى نصفين.. النصف الأول يختص بالشأن المصرى- الإيرانى.. النصف الثانى يختص بالشأن التونسى.. أتوقف عند ما يتعلق بمصر.. هناك خبر رئيسى حول دعوة إيران لمصر بأن تستوحى نموذج ولاية الفقيه.. ما يعنى أن زيارة نجاد توصلت إلى أن الإخوان يبحثون عن نموذج للحكم.. محاولة للتنافس مع النموذج التركى!
فى تقديرى أن نظام الحكم يبحث عن نموذج يحتذيه الآن.. هذه الحقيقة استوعبها الأتراك، منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة.. قدموا أنفسهم للحكم الجديد.. عقدوا لقاءات مع كل الأطراف.. جاء أردوغان وعبدالله جول.. ذهب رجال الحكم هنا إلى أنقرة.. تحدث الإعلام كثيراً عن نموذج تركيا.. الدراما التركية نزلت كالمطر.. إيران حاولت التحرك بدورها.. سبقت الجميع، وفتحت بلادها بدون تأشيرة!
سمعنا أن «نجاد» واجه هجوماً عنيفاً من البرلمان الإيرانى.. قالوا مرة إنه قرار منفرد مرة أخرى قالوا إن مصر لم تتعامل بالمثل.. تمثيلية عبيطة حتى «تتنحرر» مصر، وتفتح الحدود على البحرى.. كأن «نجاد» كان يملك الانفراد بقرار فتح البلاد دون تأشيرة.. المسألة كانت مرتبة مع الزيارة.. «صالحى» توقع القرار عشية صدوره.. الرئيس أعلنه فى اليوم التالى، ثم انتظروا قرار «مرسى»!
لا يريد نظام الفقيه فى إيران أن «تبرد» الحكاية.. أعلنوا رسمياً، عبر وكالة فارس، الدعوة لمصر والرئيس مرسى باحتذاء ولاية الفقيه.. عينى عينك.. وقع 17 عالماً إيرانياً على خطاب للرئيس مرسى.. الخطاب يتحدث عن فتح أرضية ثقافية بين البلدين.. هناك إشارة واضحة إلى تجربة الجمهورية الإسلامية.. أكد الخطاب استعداد العلماء الإيرانيين لنقل تجاربهم للحكومة المصرية!
لا يخفى عليكم اهتمام «الشرق الأوسط» بالخطاب.. السعودية منزعجة للغاية من التقارب المصرى- الإيرانى.. الخليج العربى كله يشعر بالخوف.. البلاد الواقعة بين «الكماشة» فى حالة قلق.. لا أحد يعرف فيما يفكر المرشد.. لا أحد يعرف القرار الذى يمكن أن يملى على مرسى.. مرسى قد يفضلها تجربة إيرانية.. التجربة التركية تقول إنها علمانية.. التجربة الإيرانية تقول إنها إسلامية عباسية(!)
الخطاب الإيرانى يشير، صراحة، إلى دولة على غرار النموذج العباسى.. يقول بوضوح: لسنا أقل من بنى عباس، فى القرنين الثالث والرابع الهجرى.. هذا الحماس سببه أن نظام المرشد فى مصر يبحث عن نموذج.. الإيرانيون أكثر تحمساً للحكاية.. لا يقولون إنهم يمثلون حضارة أوروبا العلمانية.. المنطق يقول إن حكم المرشد أقرب إلى ولاية الفقيه.. لذلك أشار «نجاد» بعلامة الانتصار!
لم يفهم أحد لماذا رفع «نجاد» علامة النصر ثلاث مرات؟.. الآن عرفنا وفهمنا.. هناك مؤشرات تؤكد استلهام النموذج.. ربما كان فى الغرف المغلقة شىء.. ربما كان الهجوم على الإمارات جزءاً من الخطة.. ربما كان التعامل مع الخليج بداية للتوجه الجديد.. ربما كان الغضب الخليجى نتيجة.. هل يفعلها مرسى؟.. هل يستطيع نظام المرشد؟.. هل نصبح إزاء نموذج ولاية الفقيه فى مصر؟!
ولاية الفقيه، أم نموذج تركيا؟.. مصر يحكمها مرشد، أم يحكمها ملك؟.. فى جمعة نهضة مصر، قال متحدث إخوانى: لو شاء «مرسى» جعلها ملكية؟.. النظام يبحث عن نموذج للحكم.. ربما ولاية فقيه، وربما نظام ملكى.. لم يكن غريباً أن يقول له الثوار: كش ملك.. ولم يكن غريباً أن نقول له: ارحل.. إذا كان هدفه تغيير الهوية، وقلب نظام الحكم(!)