منذ وصول جماعة الإخوان إلى سدة الحكم، انقلب حالهم رأسا على عقب! إذ لم نعد نسمع منهم أى كلمات عاقلة، فضلا عن حماقة تصرفاتهم، وتشبثهم المرضى بمقاعد السلطة، ورغبتهم الجنونية فى الاستحواذ على كل شىء!
ومن ثم كان مقال د.ناجح إبراهيم استثناء يؤكد القاعدة، فتحت عنوان «تربعْنا على السُّلطة ونزلنا من عَرْش القلوب»، كتب عن المفارقة بين وُصول الحركة الإسلامية للسلطة، ونزولها من عرش قلوب الكثير من المصريين، وهذا تعبير رقيق للغاية، أما مقارنته ذلك مع ما حدث بعد فتح مكة! ففيه إشارة غير طيبة، ويرجع د.ناجح أسباب تآكل رصيد الحركة الإسلامية فى الشارع إلى ما يلى:
■ شُيوع التفحُّش فى الخطاب الدعوى لأول مرة فى مصر، حتى أضحى كالظاهرة المَرَضية، مع أن مُعلمَ الدعاة، صلى الله عليه وسلم، صدعَ بالحق كاملاً ولم ينطقْ بكلمة فُحْش قط.
■ ظهور خطاب الاسْتعلاء من البعض، وانخفاض نبْرة التواضع للخلق والانكسَار للحق سبحانه، وقد يرجع ذلك إلى شعور بعض الدُعاة بأنهم لم يعودوا بحاجة إلى الناس بعد وصولنا للسلطة، ناسينَ سنة الرسول العظيم.
■ الخلط بين مُهمة الداعية والسياسى، فالأول مُهمته هداية الخلائق إلى الخير والبر والصَّلاح، أما السياسى فيشغله فقط الوُصُول إلى السلطة، حتى لو دَاسَ فى طريقه على كل القيم.
■ عدم تفريق البعض بين الاعتزاز والاستعلاء بالإسلام والعلو بالذات، حيثُ إن بينهما شَعْرة لا يُدْركها إلا أصحابُ القلوب السَّليمة.
■ شُيُوع الخطاب التكفيرى بدرجة أو بأخرى، حيث نسى البعض أننا دُعاة لا قضاة، وأنه ليسَ من مهمتنا إخراج المسلم من دينه بتكفيره أو تفسيقه أو تبْديعه.
■ عدم الانتقال الجيد من فقه الجماعة إلى فقه الدولة، ومن فلسفة المُفاصلة الدينية إلى فلسفة إقامة الدولة، فالأولى تقومُ على الاصْطِفَاء والوَلاء والبَرَاء الدينى، أما الدولة فتقوم على التوافق السياسى والمُشاركة المُجتمعية.
■ عدمُ اسْتصحَاب خطاب التسامح والعفو الذى هتفَ به الرسولُ، صلى الله عليه وسلم، بعد فتح مكة «اذهبوا فأنتم الطُلقاء»، واستحضار ثقافة الانتقام والثأر (وهنا تكرار للإشارة الخاطئة، مما يدل على خطأ عميق فى فهم العلاقة بين هذه الجماعات، وشعبنا المسالم والمسلم قبل أن يُولدوا بقرون!).
■ تضخم الذراع السياسية للحركة الإسلامية على حساب الذراعين الأخريين، وهما الذراع الدعوية والتربوية والإصلاحية والذراع الاجتماعية الإنسانية، حتى إن معظم الأموال والجهود والأوقات صبتْ لصالح الأولى فقط.
■ تقديم بعض النماذج الدعوية السيئة سُلوكًا وأخلاقًا وفكرًا وعلمًا، وتصدرها السَّاحتين الدعوية والسياسية لسبب أو لآخر، وعدم التدْقيق فيمَن رُشحوا للبرلمان السَّابق من الإسْلاميين.
وثمة أمور أخرى أهم لم يذكرها د.ناجح، مثل الحنث بالوعود، والكذب المتكرر، واستخدام كل الأساليب القذرة للنظام الساقط، وها هم يُخرجون الفلول من السجون، ويعتقلون الثوار ويعذبونهم، ثم يقتلونهم أيضا!