ما يفعله جيل الشباب الذى يعارض ويتمرد ويناكف ويعرِّى ويفضح نظام الإخوان بكل جهله واستبداده، يدفعون ثمنه حياتهم، شوية عيال هم عين مصر وعافيتها وهم مستقبلها وكبرياؤها، لم ينزرع الخوف فى قلوبهم فبثوا الرعب فى قلوب الجماعة المتغطرسة المتفرعنة المعمية بغرورها والمغرورة بعماها، فكرونا بحكاية الطفل الذى أخذه والده لمشاهدة موكب الملك الطاغية وهو يسير فى شوارع البلد منتفخا بالغرور منفوخا بعسكره وعسسه.
وبلغ به الاستخفاف بشعبه أنه كان يمشى عاريا فى موكبه، وبلغ العمى والرعب والخوف والذل بشعبه أن أحدا منهم لم يكن يرى عُرى الملك، ومن رعبهم وذعرهم افتكروا أنه يرتدى تشريفة أو بدلة خفية أو ملابس ملكية، عُرى الملك، هذه الحقيقة الواضحة كالشمس، لم يستطع الشعب الخوَّاف المذعور أن يراها، حتى جاء هذا الطفل ووقف فى الميدان يرى موكب الملك، فلما شاهده بلا ملابس صرخ «إنى أرى الملك عاريا!»، نطق الطفل لأنه برىء، نطق لأنه لم يتعلم الخوف بعد، نطق لأنه لم يتعود بعدُ الكذبَ والنفاق، لأنه لم يعرف الذل بعدُ، نطق وقال الحقيقة «إنى أرى الملك عاريا».
لهذا فقد كان فرعون يخشى الأطفال وقرر أن يذبحهم لأنه خشى من موسى الطفل أن يأتى وأن يكبر، وها نحن نرى مرسى وقد أطلق رجال أمنه وضباط داخليته ونائبه المخصوص لاختطاف الشباب، بل والصبية والأطفال الذين امتلأت بهم معسكرات الأمن المركزى لأنه يخشى جرأة الشباب وصدقهم وشجاعتهم، هذا الجيل الذى يقاوم فرعنة الفرعون حتى دون أن يقرأ ربما كلمات الدكتور جمال حمدان صاحب الكتاب الأعظم الأعمق «شخصية مصر».
حيث قال: «الطغيان لا يصنعه الطاغية، وإنما الشعب هو الذى يصنع الطاغية والطغيان معا، والشعب مسؤول عن الطغيان مسؤولية الطاغية نفسه وزيادة، المثل الشعبى المصرى نفسه يقول (قال يا فرعون مين فرعنك؟ قال: مالقيتش حد يردنى»، والمثل الإنجليزى المعروف يقول (القوة المطلقة مفسدة مطلقة، كل سلطة فهى مفسدة مطلقة، ليست مفسدة فقط، بل مُذهِبة للعقل أيضا، يمكن للحاكم من خلالها أحيانا أن يرى كل حق باطلا وكل باطل حقًّا)».
هذا الجيل يدافع عن مصر وشعبها وينقذها قبل أن تعود وتعتاد أن لا ترد الفرعون فيتفرعن، نحن الآن فى الشوارع وفى الميادين وحول قصور الرئاسة وعلى الأسوار والحوائط وفى مواقع الإنترنت و«فيسبوك» و«تويتر» وفى الجامعات والمدارس، نسمعها كبيرة وضخمة وتصعد للسماء كما قالوا للنظام السابق: «إنى أرى الملك عاريا... غطوه»، يقولون لمرسى: «سنرد الفرعون ولن يتفرعن علينا أبدا.. يتفرعن على نفسه»!