ايجى ميديا

الأثنين , 4 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

«هل تعرف سعر الخزْى؟»

-  
نشر: 12/2/2013 2:48 ص – تحديث 12/2/2013 9:41 ص

نظرًا لأننا نعيش عصرا ذهبيا جديدا للكذب والخداع والضحك على العقول، لم أجد أفضل من هذه الحكاية ذات الدلالة فى الرواية البديعة «الذرة الحمراء الرفيعة» لمؤلفها الصينى الكبير مو يان، الفائز بجائزة نوبل فى الأدب لعام 2012، تُقدِّم الحكاية طريقة فريدة لعقاب الكذابين والمزوِّرين والمستفيدين ومنتهزى الفرص على الطريقة الصينية، ويبدو أن العقاب كان رادعًا ومؤثرًا.

الرواية العظيمة التى ترجمها حسانين فهمى حسين تنقل بطريقة ملحمية قصة الصين تحت العدوان والاحتلال اليابانى، حياة قرية وأسرة من الأجداد إلى الأحفاد، تفاصيل إنسانية مؤثرة عن ظروف صعبة شاقة ومؤلمة، يتميز مو يان بقدرة فائقة على استدعاء الصور بتفاصيلها، والانتقال السلس من الحاضر إلى الماضى، وفرش الذكريات على مساحة واسعة من السنوات، والدمج المرهف بين الإنسان والطبيعة، تتحوّل حقول الذرة الحمراء إلى ساحة للموت والحياة والحب والبهجة والأحزان غير العادية، ينحت الروائى الفذ شخوصه من صخور الواقع فيملؤون الحكاية صخبا وقداسة، وخصوصا الجدة فينج ليان التى تجسد نموذجا نسائيا فريدا فى الرواية العالمية.

عشرات المواقف والحكايات المتداخلة: الصبيّة التى تزوجت من ثرى أبرص لأن والدها يحلم بأن يحصل منه على بغل يساعده فى العمل، الجزار الذى أجبره اليابانيون على ذبح أحد مواطنيه فأصابه الجنون، عمال فرن النبيذ الذين يشهدون على مأساة القرية والوطن، ورئيس المدينة تساو مينج جيو، حاكم مدينة قاو مى، الذى اشتهر بطريقته الخاصة والقاسية فى تحقيق العدل، وعقاب الكذابين، وأنصار الباطل اللجلج.

ذات يوم، نزل رئيس المدينة إلى السوق، للفصل فى قضية عجيبة على الطبيعة، كان أمامه رجلان وامرأة، وكانت هناك دجاجة سمينة تجلس أمام المرأة، نزاع فقراء بامتياز على امتلاك دجاجة واحدة.

قالت المرأة وهى تبكى:«لقد أصيبت حماتى بنزيف، وليس لدينا من المال الكافى لشراء ما تحتاجه من دواء، ولذا حضرتُ إلى السوق لبيع هذه الدجاجة التى تبيض لنا، وهو يصرّ على أن هذه الدجاجة تخصّه».

رد الرجل قائلا: «هذه المرأة تريد أن تغتصب الدجاجة منى، وجميع جيرانى يشهدون على ذلك». هنا تقدم الشاهد الذى كان يرتدى قبعة من قشر البطيخ، قال إن الدجاجة تخص الرجل المدعو وو سان لاو، وكانت كثيرا ما تأتى للتنافس على الطعام مع الدجاج الذى أمتلكه، وكثيرا ما كانت زوجتى تستاء من ظهور دجاجة السيد لاو لمزاحمة دجاجها.

خلع رئيس المدينة قبعته، وثبّتها على إصبعه الوسطى، وجعل يلفها عدة مرات، ثم وضعها على رأسه مرة أخرى، وسأل رئيس المدينة وو سان لاو:«ماذا أطعمتَ دجاجك صباح اليوم؟»، قال الرجل: «أطعمتُه بعض الحبوب المخلوطة بقليل من النُخالة»، لم يتردد الشاهد فى تأكيد كلام لاو وتوضيحه زاعما أنه عندما ذهب إلى منزل وو سان لاو، رأى بعينيه زوجة الرجل وهى تخلط طعام الدجاج!

بسؤال المرأة الباكية عن نوع الطعام الذى قدمته لدجاجتها اليوم، قالت إنها أطعمتها بعض الذرة، هنا التفت رئيس المدينة وقال لمساعده: «أخى يان.. فلتذبح هذه الدجاجة»، فى لمح البصر أتمّ المساعد المهمة، وقطع حوصلة الدجاجة بمهارة فائقة، ليخرج منها بعض حبات الذرة، وهكذا تبيّن للجميع فى قلب السوق، أن المرأة المسكينة كانت على الحق الأبلج.

ضحك رئيس المدينة بعد أن انكشف المستور، وحكم على الكذوب لاو بأن يدفع ثمنا ضخما للدجاجة، ثلاثة دا يانج (عُملة صينية) كاملة، لكن الكذاب لم يكن يمتلك هذا المبلغ، تدخلت المرأة الباكية وقالت إن دجاجتها لا تستحق هذا المبلغ، وهى لن تقبل ما يزيد على السعر الفعلى، أثنى حاكم المدينة على شهامة وتسامح المرأة، رفع قبعته وانحنى أمامها، وأصر على أن تأخذ النقود التى جمعها سان لاو بالعافية، لكى تشترى بها الدواء لحماتها، ثم أعطى المرأة الدجاجة المذبوحة لكى تكون طعاما للعجوز المريضة.

أما لاو الكاذب، وشاهده المزوّر فقد ابتكر لهما تساو مينج جيو عقابا غريبا وعنيفا، قال مخاطبا لاو الذى وقف يرتجف أمامه: «ألم تشعر بالخزى لأن تظلم هذه المرأة الطيبة فى وضح النهار؟ وهل تعرف سعر الخزى؟ أسرع بخلع بنطالك»، نفّذ لاو الأمر على الفور، خلع رئيس المدينة حذاءه، وألقى به إلى مساعده السيد يان، وأمره أن يضرب المتهم بالحذاء مئة مرة على مؤخرته، ومئة ضربة أخرى على وجهه، قام يان بتنفيذ العقاب فورا، وبالبرطوشة الصينى، كان العقاب قاسيا ومهينا لدرجة أن لاو لم يجرؤ حتى على البكاء.

ابتكر رئيس المدينة عقابا آخر أقسى لشاهد الزور، لم يضربه بالحذاء، ولكنه أمر بإحضار سلطانية من العسل، عندما عاد المساعد يان بالسلطانية، أمر رئيس المدينة بأن يدهن مؤخرة سان لاو بالعسل وسط ذهول الحاضرين، على الفور تم تنفيذ الأمر الغريب، هنا قال السيد تساو مينج جيو موجها حديثه إلى شاهد الزور: «العق، ألم تكن تنوى جنْى بعض الفائدة من وراء شهادة الزور؟ العق». سجد الرجل أمام السيد تساو، قال فى خضوع: «لن يجرؤ خادمكم على الكذب ثانية»، فقال رئيس المدينة: «أيها الأخ ديان، جهّز الحذاء، واضرب هذا الكذّاب ضربا مبرحا»، فقال شاهد الزور على الفور: «لا داعى للضرب، سألعق، سألعق».

وقف الجميع مذهولين وهم يشاهدون تنفيذ عقوبة الشاهد المزوّر، بعد أن شاهدوا عقاب الرجل الكاذب، ضرب وتجريس وإهانة، تُرى كم شخص لا يعرف ثمن الخزى، يمكن أن يطبّق عليهم تساو هذا العقاب الغريب، إذا بُعث من جديد فى عصر ما بعد الثورة المصرية؟!

التعليقات