الوضع الاقتصادى فى مصر كارثى لسببين:
الأول، لأنه كارثى فعلًا والكل يعرف أنه كذلك.
الثانى، أن الذين يديرون الاقتصاد هم مجموعة من البقَّالين الإخوان الذين لا علاقة لهم بالاقتصاد ولا نيلة، اللهم إلا لو كان المقصود بالاقتصاد هو البقالة ومعارض السلع المُعمّرة فى النقابات وتوكيلات بِدَل وعبايات من تركيا.
النتيجة أنك لن تجد عاقلًا يوافق على تولِّى مسؤولية حكومية أو وزارية لو عُرضت عليه فى هذا المناخ شديد السوء، حيث الأحوال المالية لمصر تكاد تهوِى بنا فى قاع الدول الفاشلة.
ولا يوجد فعلًا أى إغراء كى يقبل أى خبير أو كفاءة حقيقية تلك المهمة لو قيل له تعالَ امسك وزارة أو خذ مسؤولية هيئة حكومية، ثم إنه لا مكان عند الإخوان إلا للسمع والطاعة وتنفيذ أوامر مكتب الإرشاد والكذب فى خدمة مفتوحة كالأجزاخانات أربعًا وعشرين ساعة.
إذن، لماذا يُصمِّم الإخوان على السيطرة على الحكومة وعدم التفريط فى فَشَلَة الاقتصاد وجَهَلَة السياسة الذين يبركون على الحكومة الآن؟
إنهم يُصِرُّون على ذلك لسببين:
الأول، أنهم مجموعة من الغُشم والمحرومين من النفوذ وما صدّقوا يبقى عندهم حرس وموتوسيكلات وسكرتارية وأُبَّهة ونفوذ يعوّض حرمانهم الطويل وينسيهم ليل الزنازين والمذلة والمطارَدَة والملاحَقة والحرمان الرهيب، فيتعاملون مع البلد بحكمه ووزارته ومؤسساته كأنه غنائم حرب، يجرون نحوها لاقتسامها والفوز بها مكافأة عن حياة الشقا والضنا والقمع.
الثانى، أن وجودهم فى الحكومة يمكِّنهم من تزوير الانتخابات البرلمانية، حتى يطمئنوا إلى أنهم سوف يركبون على أنفاس الشعب ويمارسون لذة السلطة التى تعوّضهم عن زمن الحرمان الطويل، ولذلك فوزير العدل «يُحزِن» ختامه ويجهِّز قوانين تسمح لجماعته أن تدلدل رجليها على الشعب، وتأتى قوانينه معبِّرة عن فاشية وعبادة سياسية مذهلة للسلطة، ويخفض وزير الداخلية رتبته ليعمل مخبرًا عند الإخوان ويعمل على تحويل وزارته إلى ميليشيا للإخوان، تُنَفِّس أيضًا عن غضب رجالات الشرطة الذين شعروا بالإهانة من ثورة يناير، فيعوِّضون سَنَتَى الإهانة بانتقام وثأر وغِلّ من الشعب واستعادة سيادة أسياده الباشوات عليه وعلى اللى خلّفوه، وأضف إلى ذلك طبعًا امتلاك وزارات التموين والتنمية المحلية والشباب والأوقاف والمالية والتعليم والإعلام ومنصب النائب العام، وهو ما يتيح للإخوان السيطرة على حياة المصريين بغسل المخ وشراء الذمم وتجنيد الشباب وتدجين الموظفين واحتلال المحليات والانتقام من المعارضين.
من هنا ترى عزيمة الإخوان على عدم التخلى عن حكومة قنديل، فهى مفتاح التمكين، وهى التى ستروى عطش السنين، وتعوّض حرمان الزنازين.