إبراهيم عيسى
نسمع تحريضًا مستمرًّا ومسعورًا من البعض للرئيس مرسى بأن يضرب بيد من حديد، والحقيقة أنه يضرب بيد من حديد فعلاً، لكن لا أحد يُعِير حديده خوفًا ولا يهتم بيده أصلا.
ونسمع لغوًا سخيفًا عن نبذ عنف لا يمسّ أصحابه مفجِّر العنف الحقيقى وقاتل الشهداء، وهو مرسى ونظامه.
إن من يبرِّئ مرسى من دم الشهداء فهو متواطئ ومنفصم الشخصية، فحين مات الشهداء فى يناير مبارك اعتبروا مبارك مسؤولاً، وحين ماتوا فى يناير مرسى اعتبروا مرسى بريئًا! ألا كَبُرَت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا ونفاقًا مارسوه أيام مبارك ويعيدونه أيام مرسى، ومع أى واحد حيقعد على الكرسى.
الذين يعتبرون أن العنف يسىء إلى الثورة لم نسمع منهم كلمة واحدة ضد الإخوان الذين حطموا السجون وهربوا منها على أيدى رجال حماس وحزب الله، ولم نرَ منهم أى إدانة لحصار أقسام الشرطة ومديريات الأمن فى جمعة الغضب، فكأن الاعتداء على المنشآت وممارسة العنف حلال فى الغضب على مبارك وحرام فى الغضب على مرسى.
الإخوان وأتباعهم يحاولون تحميل المجنى عليه المسؤولية مثلهم مثل أى نصاب فى سوق السياسة، ولكن المشكلة حجم الخسة فى الكذب وفى النفاق والوَطَيان الأخلاقى الذى يبرر السحل ويتجاهل خطف واغتصاب الأطفال وقتل شباب الثورة وإطلاق الرصاص على المتظاهرين وسقوط سبعين شهيدا فى عشرة أيام.
الإخوان وأتباعهم وتابعوهم ومنافقوهم فقدوا الحد الأدنى من المصداقية التى راحت مع سيول الكذب وحقارة الصمت على انتهاك حقوق الإنسان.
ومن المفيد هنا تأكيد أن ثورة يناير لم تنجح فى تحقيق أى من أهدافها حتى الآن على الإطلاق، ولكنها قطعت اليد الحديد التى يتوهمها قادة الإخوان وبعض منافقيهم هذه الأيام، ودعنا نذكِّر بأن بعض ممالئى ومنافقى المجلس العسكرى حين كان يحكم البلاد كانوا يدْعونه كذلك إلى الضرب بيد من حديد، وكل محاولات اليد الحديدية وما جرى بعنف السلطة وتوترها وغشمها الذى ظهر فى ماسبيرو ومحمد محمود المجلس العسكرى تَكرَّر بحذافيره وبعنف أكثر انحطاطا وبغطاء رئاسى لا يستحيى فى محمد محمود و«الاتحادية» وبورسعيد والسويس فى حكومة محمد مرسى.
نظرية «اليد الحديدية» انتهت مع الشعب المصرى بكل قطاعاته وشرائحه، فالناس لم تعُد تخشى العنف ولا ترهبه ولا تتهيبه، بل والعنف المضاد صار طبيعيًّا وعاديًّا، وها هو ذا يعرِّى ويفضح قدرة مرسى الهشة هو وداخلية محمد إبراهيم على إدارة شؤون البلاد.
البلد كلها لم تعد تخشى اليد الحديدية، وكل طرف صارت له يده الحديدية، ولا يمكن أن يتخيل أى مسؤول مهما بلغ به غروره بالسلطة أنه قادر على احتواء أى أزمة والانتصار فى أى مواجهة باستخدام العنف.
لم تعُد الدولة تحتكر العنف، ولم تستطع أن تمنح استخدامه شرعية أخلاقية ومصداقية قانونية.
الحل هو تخلِّى مرسى وجماعته عن حكومة تزوير الانتخابات وعن التشريع حسب هوى ومزاج الأخ خيرت الشاطر وأوامره، والرجوع عن دستور الجماعة المولود سِفاحًا.
غير كده فإن مصر لن تهدأ مهما أراق مرسى دماء المصريين فى سبيل الحفاظ على الكرسى.