أهدانا صديق العمود الدائم «د.محمد وجيه» هذه القصة الواقعية التى ترجمها بنفسه:
كان «داشراث مانجهى» فلاحاً هندياً يسكن فى قرية نائية ومعزولة فى مقاطعة «بهار» فى شمال الهند. وقد حدث أن أصيبت زوجته «فالجونى ديفى» إصابة خطيرة جدا، لكن بسبب بعد المسافة بين المستشفى والقرية والطريق الطويل الملتوى بينهما (70 كيلومترا)؛ لم تصل سيارة الإسعاف فى الوقت المناسب، فماتت رفيقة دربه بين يديه وهو عاجز لا يملك من أمره شيئاً!
طلب «مانجهى» من الحكومة أن تشقّ نفقاً فى الجبل لاختصار الطريق إلى القرية، حتى لا تتكرّر هذه الحادثة لأناس آخرين، لكن الحكومة تجاهلته؛ فقرّر هذا الفلاح قليل الحيلة أن يتصرَّف بنفسه؛ لكى ينهى تلك المأساة التى يعيشها هو وأهل قريته من ناحية، وحتى لا يعانى شخص آخر مثلما عانى يوم أن ماتت شريكة حياته! وكان أن أحضر «مانجهى» فأساً ومعولاً وقرر الحفر بيديه طريقاً صخرياً برياً يشق الجبل!
وكما هو متوقع، فقد سخر منه جميع أهل القرية واتهموه بالجنون، وقالوا إنه فقد عقله بعد وفاة زوجته!
لكن الرجل بدأ العمل بعزيمة من حديد وإصرار لا يلين، وظل يحفر فى الجبل لمدة 22 عاماً (من عام 1960 إلى عام 1982).. كان الرجل يعمل فى شق الجبل كل يوم من الصباح إلى المساء، دون كلل ولا ملل، ولا يملك إلا فأسه ومعوله وإرادة تواجه الجبال وصورة زوجته فى ذهنه وهى تموت بين يديه!
ونجح الرجل العجيب فى نهاية المطاف فى أن يشقّ طريقاً فى الجبل بطول 110 أمتار، وبعرض 9 أمتار، وبارتفاع 7 أمتار، لتصبح المسافة بين قريته والمدينة فقط 7 كيلومترات، بعد أن كانت 70 كيلومترا؛ وأصبح باستطاعة الأطفال الذهاب إلى المدرسة، وأصبح بإمكان الإسعاف الوصول فى الوقت المناسب!
لقد فعل هذا الرجل بيديه العاريتين وبإرادته التى تغلب الجبال لمدّة 22 عاماً ما كانت تستطيع أن تفعله الحكومة فى أسابيع قليلة، ولهذا السبب فقد استحق أن يسمّى «مانجهى» برجل الجبل!
بالطبع كان العمل الأسطورى لهذا الفلاح مدعاة فخر لقريته وتكريم من الحكومة الهندية. وحدث عندما قابله «نيتيش كومار»، رئيس وزراء مقاطعة «بهار»، أن أصر على أن يُجلسه مكانه احتراماً وتبجيلاً واعترافاً بفضله!
وعندما منحت الولاية «مانجهى» قطعة أرض مساحتها 10 أفدنة، لم يتردّد لحظة فى التبرع بها لإقامة مستشفى فى قريته!.. وكان أن شيد المستشفى ليخدم أهل القرية جميعاً، وسمّى باسمه تكريماً له.
وبعد عمله العظيم الذى لن ينساه أبداً أهل قريته، مات «مانجهى» فى يوم 17 أغسطس عام 2007؛ فقررت حكومة الولاية أن تقيم له جنازة رسمية تقديراً له.. وفى عام 2010، أنتج فيلم سينمائى باسم «رجل الجبل» يروى قصّة هذا الرجل الرائع لتكون إلهاماً للأجيال القادمة فى كل بلاد العالم.
بقى أن تعرف أن الفلاح الأسطورى «داشراث مانجهى» كان يعانى من فقر مدقع، وليس له سوى ابن واحد معاق ومتزوج من امرأة معاقة هى أيضاً!