ما الهدف الذى تسعى إليه جماعة الإخوان المسلمين بالفعل؟! سؤال يشغل كل الأذهان، مع الممارسات الفعلية للجماعة على أرض الواقع، والتى تتعارض مع كل ما يخرج من أفواههم، مُغلَّفًا بنوع من السكر المر، الحارق للفم والدم والأعصاب.. فعلى الرغم من حديث قيادات جماعة الإخوان، والكثير من أفرادها، إن لم يكن كلهم «من مبدأ السمع والطاعة» عن مصر والثورة، فإن ممارساتهم لا تبدو شبيهة، من قريب أو بعيد بالثورة ومطالبها، ولا حتى بمصر من الأساس.. وحلم الدولة الإسلامية، والحديث عن أن الانتماء إلى وطن الإسلام دون سواه، حديث جميل، من ناحية القلب والعقل، ولكن ليس من ناحية الواقع، ففى كل الأحوال، لا بد أن ينتمى الإنسان إلى وطن ما، يحمل جنسيته، وجواز سفره، ويتعامل باسمه داخليًّا وعالميًّا.. وفكرة جواز السفر هذه ليست فكرة علمانية أو تافهة، لأنك، ومهما قلت أو فعلت، لن يمكنك السفر إلى أى مكان فى العالم من دونه، ودون أن يتم الاعتراف به دوليًّا.. وجواز سفر كل مواطن لا بد وأن يحمل جنسية وطن، له كيان معترف به دوليًّا، وإلا تحوَّل إلى دفتر من ورق، لا قيمة له.. وما من جهة، فى العالم أجمع، ولا حتى فى الدول الإسلامية، ستسمح لمواطن بعبور حدودها وهو يحمل جنسية الوطن الإسلامى، كما لن نسمح نحن بدخول مواطن أجنبى إلى مصر، وهو يحمل جنسية الوطن المسيحى! لا بد أن يكون منتميًا إلى دولة لها حدود جغرافية معترف بها ولها كيان رسمى معترف به.. فكيف سنلغى كيان الدولة المعترف بها دوليًّا، لنصنع كيانًا عرقيًّا، لن يتم الاعتراف به أبدًا؟! حتى عندما اتَّحدت أوروبا ككيان واحد، تحت اسم الاتحاد الأوروبى، ظل كل مواطن فيها يحمل جنسية وطنه الأم، ولكنه فقط يحمل حق التنقّل بحرية، عبر كل بلدان الاتحاد الأوروبى!! الأوطان إذن لا غنى عنها، اللهم إلا إذا كنا سنتبنَّى الفكر النازى، ونسعى إلى شن حرب عالمية جديدة، لتحقيق الحلم الذى فشل فى تحقيقه كل طامح طامع، عبر التاريخ كله!! والعيش فى حلم كبير وطموح أكبر ليس عيبًا، بل هو وسيلة ممتازة للتقدّم والتطوّر، ولكن أن يُبنى هذا الحلم على الحماس وحده، فهذا هو العيب كل العيب.. والحرب العالمية الثانية التى راح ضحيتها خمسون مليون إنسان، فيها عبرة كبيرة لمن يعتبر، ولمن يستطيع الاستفادة من دروس التاريخ.. فالنازية كانت ترى أنها الجنس السامى، «وهذا لا يختلف كثيرًا عن الفكر الإخوانى».. وكانت ترى أن كل مَن يعارضها هو خائن ومارق، وينبغى إزاحته من المجتمع، حتى ولو كان هذا عن طريق قهره، أو اعتقاله، أو حتى قتله، فى سبيل الهدف السامى «وهذا أيضًا لا يختلف كثيرًا عن فكر الإخوان المسلمين».. والنازيون كانوا عباقرة ومخترعين، ومبتكرين، وامتلكوا أسلحة كانت الأكثر تطوّرًا من غيرهم «وهذا ما يختلف عن الإخوان المسلمين».. وعلى الرغم من هذا فقد خسروا الحرب، وأضاع حلمهم ألمانيا، وتسبّب فى مقتل اثنى عشر مليونًا، من خيرة رجالها وشبابها، وفى ضياع أحلامها إلى الأبد.. والأهم، فى محو الحزب النازى والفكر النازى من الوجود، بعد أن سيطر على شباب أوروبا لعقود، من قبل حتى اندلاع الحرب.. فلماذا؟! لماذا خسرت ألمانيا النازية الحرب، على الرغم من أنها كانت أقوى فعليًّا من خصومها، وأكثر إيمانًا بهدفها وحلمها؟! لماذا؟! ولهذا السؤال حديث آخر.
مش إخوان.. «3»
مقالات -
نشر:
8/2/2013 2:06 م
–
تحديث
8/2/2013 2:06 م