الدعاة إلى الله هم رسل المحبة وصناع الحياة الجميلة والهداة إلى طريق الحق الذين يبلغون الخلق رسالة الحق.. ويوقعون عن رب العالمين وعن رسوله الكريم- صلى الله عليه وسلم- أوامر الشريعة.
أما السياسى، فهو الذى يشغل المناصب السياسية ليقود الأمة بالعدل والحق، ويسوى بين الرعية.. ولكن كراسى السلطة فيها عفريت يخرج لكل من يجلس عليها مهما كان توجهه، ليقتل أحسن ما فيه، ويخرج أسوأ ما فيه.. خاصة إذا نازعه آخرون هذا الكرسى أو حاولوا انتزاعه منه.
والداعية والسياسى لا غنى عنهما أبداً.. لكن هناك فرقاً هائلاً بينهما.. فالداعية عادة ما يريد وجه الله ويرنو إليه سبحانه، أما السياسى فعينه على كرسى السلطة.. والداعية يريد الإنسان لربه، والسياسى يريده لنفسه أو لحزبه.. فإذا ابتعد عن دعمه أو الانضمام لحزبه غضب منه وحنق عليه.
والداعية بحق يعيش مع صفة الربوبية فيعطى، ويقبل على من يحبه ومن لا يحبه ومن معه ومن ليس معه.. ومن على طريقته ومن يختلف معه.. أما السياسى أو التنظيمى، فلا يعطى إلا من كان معه ولا يقبل إلا على من يدعمه ويؤيده.. الداعية بحق يدور حول الإسلام حيث دار، ويتحرك مع القرآن حيث كان.. ويتدثر بالشريعة حيثما توجهت.
أما السياسى، فيدور مع كراسى السلطة حيث كانت.. فإذا كانت مع فلان كان معه.. وإذا تحولت منه إلى آخرين كان معهم.
الداعية بحق يحب ربه، ويقدمه على كل شىء.. والسياسى فى الأغلب يحب السلطة، ويقدمها على كل شىء.. الداعية يضحى بالدنيا من أجل ربه، والسياسى قد يضحى بكل شىء من أجل الكرسى.
والداعية له قول واحد فى الحق والباطل، و1 +1=2 عنده.. أما السياسى، فله مائة قول وألف رأى.. و1+ 1= قد يساوى مائة أو صفراً.. فلا غضاضة.
الداعية له لون واحد.. وإذا وعد صدق.. أما السياسى، فعادةً ما يكون له ألف لون، فلديه ألوان الطيف السياسى كلها.. فلا وعد له ولا عهد مادام هذا الوعد سيضره، وسيصرفه عن الكرسى أو يبعد الكرسى عنه.. ولا يجد غضاضة فى الغدر ولا يعده ذنباً.. بل يعتبره ذكاءً وعبقرية سياسية.
الداعية يقول ما يعتقد.. أما السياسى، فيقول ما يمرر مصالحه السياسية.. الداعية إذا كذب مرة سقط من أعين الناس.. أما السياسى، فيكذب عادة فى كل لحظة دون خجل أو حياء.. وعادة ما يبرر ذلك.. والغريب أن التبرير ينطلى على أتباعه ومؤيديه الذين يبررونه لغيرهم أيضاً.
وفى الختام.. أرجو ألا يغتر الدعاة بذلك، وألا يغضب السياسيون.. فأنا لا أتحدث عنهم جميعاً.. ولكن عن غالبهم.