هكذا يؤدى الأخ الرئيس مرسى واجباته على خير ما يرام فى ظل حكم الإخوان!!
أول من أمس كان ميدان التحرير يودع اثنين من أنبل شباب الثورة محمد الجندى، الذى اختطفوه وعذبوه ثم ألقوا به وهو على شفا الموت ليلقى وجه ربه بعد أيام.. وعمرو سعد الذى تلقى رصاصات الموت على أبواب قصر الرئاسة فى أحداث الجمعة الماضية.
فى نفس اليوم، وربما فى نفس الساعة، كان الدكتور مرسى يجتمع بالمجلس الأعلى للشرطة يحييهم على جهودهم ويشد من أزرهم، ويكرر أكذوبة أن ما وقع من جرائم قتل وسحل وتعذيب هى مجرد «أخطاء فردية» لا ينبغى أن تعرقل عمل الشرطة فى مواجهة ما سماه بـ«أعمال التخريب»!!
فى نفس اليوم أيضا.. كانت تتوالى علينا أمواج من «الأخطاء الفردية» ومن الجهود الجبارة لمواجهة التخريب!! فى الإسكندرية كانت مأساة الطفل عادل ابن الثالثة عشرة المصاب بالسرطان والمعتقل بتهمة التظاهر والذى يتم تجديد حبسه خمسة عشر يومًا بدلا من منحه العلاج المطلوب!!
وفى القاهرة كانت أنباء حفلات التعذيب التى يتلقاها الشباب المعتقلون فى معسكر الجبل الأحمر للأمن المركزى وغيره من المعسكرات التى تتصدر المشهد، ومعها التساؤلات عن غياب القانون، وسيادة شريعة الغاب، فى حماية الدولة وتحت رعاية الحكم!!
الصحف التى حملت خبر لقاء الرئيس بقيادات الشرطة، كانت تحمل تفاصيل بشعة عما يجرى فى معسكرات الاعتقال، تفاصيل تقول إن ما حدث مع المواطن حمادة صابر من سحل وهتك عرض هو النموذج المعتمد الآن فى التعامل مع شباب الثورة فى صورته الابتدائية.. لأن الأمر يمكن أن يمتد فى المرحلة التالية إلى الضرب حتى القتل كما حدث مع محمد الجندى.. أو إلى القتل المباشر كما حدث مع عمرو سعد!!
أخطاء فردية بلا شك(!!) بدليل أن ماكينة القتل لا تستهدف إلا المعارضين للإخوان.. من جيكا إلى محمد كريستى إلى الحسينى أبو ضيف إلى محمد الجندى وعمرو سعد.. وقافلة الشهداء الأبرار التى تنتظر القصاص.
أخطاء فردية بلا شك(!!) تكتمل بالجملة الحقيرة المنحطة ضد الأخوات والأمهات فى ميادين التحرير.. إنها ليست محاولات للتحرش أو الاغتصاب، وإنما حملات إرهاب تريد الإيذاء النفسى والبدنى لترويع النساء ومنعهن من المشاركة فى الثورة، وحوش آدمية يتم تدريبها بعناية لا تتوفر إلا فى أجهزة تملك الإمكانيات، ثم يتم إطلاقها لتمزق أجساد الفتيات بالمطاوى، التى تذكرنا بالمطاوى والخناجر التى وزعها السادات ذات يوم على الجماعات الإسلامية فى الجامعات لكى تستخدمها ضد معارضيه من الناصريين واليسار، فكانت بداية العنف الذى كانت إحدى محطاته الرئيسية اغتيال السادات نفسه بيد من حالفهم فى بداية حكمه!!
أخطاء فردية بلا شك(!!) تريد أن تبث الرعب فى نفوس الناس، وأن تقول إن الفاشية لن ترحم أحدًا، وأنها ستستخدم كل قوى البطش لتثبيت حكمها، لكنهم واهمون، ولو سمعوا أمهات الشباب الذين خرجوا من المعتقلات بعد حفلات التعذيب وهن يصرخن فى أبنائهن: «ارجعوا الميدان.. حيحصل فيكم إيه تانى».. لو سمعوا، وكانت لهم عقول ما زالت قادرة على الفهم، لأدركوا أنهم يحرثون فى البحر، وأن الثورة لن تتوقف، والميادين ستكون أكثر غضبًا، والقصاص قادم بلا شك.
فى يوم واحد.. كان أمامنا من جرائم النظام ما لا تستطيع أنظمة عريقة فى الاستبداد أن «تنجزه»!! فى أعوام.. وكان رئيس الدولة يهنئ قيادات الشرطة على «الإنجاز» ويتحدث عن «أخطاء فردية» لن تعطل المسيرة.. وكانت الملايين تغلى بالغضب وهى تحس بأن عرضها ينتهك فى كل لحظة.. وكانت مصر تتوضأ بدماء الشهداء وتستعد لتعلى رأسها من جديد فى ميادين الثورة.