كم من مرة شعرت بغربة شديدة عند مشاهدة أحد أفلامى فى التليفزيون، وكأن الفيلم المعروض لا يمت بى بأى صلة إلى أن يخطر ببالى بعض التفاصيل المرتبطة ببعض المشاهد، إلى أن تشتعل الذاكرة لما حدث وراء اللقطة، وأيقنت أن التآمر وسيلة مشروعة فى عالم الإخراج. فمثلًا إخفاء الكاميرا هو أبسط الوسائل فى خلق مصداقية الممثل والشخصية التى يؤديها حين نراه فى الشارع وسط ناس حقيقيين وليس «كومبارس» مزروعًا فى المشهد. لذلك صدّقت أحمد زكى فى شخصية ضابط أمن الدولة فى فيلم «زوجة رجل مهم» (١٩٨٧)، وهو يسير وسط ميدان العتبة دون أن يلفت نظر الناس حوله إلى مَن هو فى الواقع، وكانت الكاميرا بعدسة الزوم تتبعه من إحدى نوافذ فندق درجة ثالثة التى تطل على الميدان. وبالمثل كان لا يمكن تحقيق مشهد مطاردة محمود عبد العزيز لسعيد صالح فى ميدان التحرير فى فيلم «نص أرنب» (١٩٨٢) دون الاعتماد على عنصر المفاجأة، إذ إن أى ترتيبات كانت ستكون مكلِّفة إنتاجيًّا ومصطنعة عمليًّا. وهذا ما أسميه التآمر على الواقع، أما التآمر من أجل رد فعل فهو مسألة أخرى. فى فيلم «الحريف» (١٩٨٣) وفى مشهد مواجهة بين بطل الفيلم عادل إمام، ومطلقته فردوس عبد الحميد، واستفزازها له، يجعله ينقض عليها عبر ترابيزة السفرة ليمسكها من ملابسها بيد، بينما يهددها بالضرب بقبضة يده الأخرى. هذا تم بالاتفاق بينى وبين عادل دون علم فردوس. نتيجة ذلك كانت رد فعل ممتاز لم يفسده عنصر المفاجأة. رد فعل فردوس كان إطاحة صحن الطعام الذى أمامها. فعلى الرغم من إعادة تصوير هذه اللقطة أكثر من مرة مع توقّع فردوس رد فعل عادل فى كل الإعادات، فلم أستطع الاستغناء عن لقطة المرة الأولى التى وجدت طريقها فى الفيلم النهائى.
نظرية التآمر فى الإخراج
مقالات -
نشر:
5/2/2013 11:06 م
–
تحديث
6/2/2013 10:00 ص