الجميع يتذكر كيف هبت الشعوب الايرانية وبقيادة قواها الوطنية لاسقاط امبراطورية الشاه محمد رضا بهلوي التي كانت معادية لكل ما هو انساني .... هذه الثورة التي حولت إيران من نظام ملكي دكتاتوري مطلق ... الى جمهورية كانت تأمل أن تكون ديمقراطية ومنارة لشعوب المنطقة..
وبعد أن كان حديث الشارع الإيراني يتمحور حول انتصار ثورة الشعب وبداية عهد الحرية والديموقراطية، ولكن حدث ما حدث وبعد اشهر قلائل حتى بدأت الجماعات الدينية حملاتها التطهيرية وتكفير الاخر .. وسرقة ثورة الشباب.. بدأ بمنع كلمة ديمقراطية الى اغلاق الصحف الوطنية والمجلات المعارضة واغلاق الجامعات لفترة بحجة ايوائها لقوى اليسار.. واتهام كل معارض بالردة او المرتد وتحول الحديث في كل إيران عن حملة إعدامات شرسة أثارت الريبة والشك حول مصير الثورة المسروقة من قبل الخميني وحزبه الجديد واستيلائه على مكاسب الثورة وتصفيته غالبية رموزها. وكانت الخيبة سيد الموقف في إيران.
آية الله الصفوي.. الذي وصف بالدجال والمجرم والسفاح والجزار في المجتمع الأحوازي، هو أول مدع عام وأول رئيس لمحكمة الثورة بعد سيطرة رجال الدين على السلطة في إيران. وحتى الأشهر الأخيرة قبل وفاته عام ٢٠٠٣ كان يعتز بإصداره الأحكام بإعدام ١٧٠٠ شخص من أبناء الثورة الأحوازية أو رموز الثورة الإيرانية أو كبار المسؤولين وجنرالات الجيش في العهد الملكي الإيراني بأوامر مباشرة من الخميني على حد قوله. ناهيك عن أضعاف هذا الرقم من سلسلة الإعدامات العشوائية تزعمها "خلخالي" طالت أبناء الشعوب الرازحة تحت وطأة الاحتلال الإيراني والمعارضة الإيرانية على حد سواء.
الان تتكرر الحالة في مصر.. ومنذ فوز الرئيس مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين بدأت حملات التطهير السياسي والطائفي، والتضييق على الحريات ومنظمات المجتمع المدني ومحاولات عدة لمنع التظاهر واغتيال النشطاء السياسيين والتضييق الكامل الممنهج على الحقوقيين، ثم إلتفوا على الشعب وأصدروا باسم الدين دستوراً يمهد لهم طريقهم في التمكين ولإستحواذ على كل مرافق الدولة الامنية والاقتصادية والإجتماعية والإعلامية.. ثم تشكيل حكومة تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين حكومة فاشلة لا خبرات لديها ولا كفاءات وتثبت فشلها يوماً بعد يوم، وهي في الحقيقة حكومة التزوير الأبيض للإنتخابات البرلمانية القادمة كي يتمكنوا تماماً من الدولة وان هذا واقعاً يجب أن تتقبله جميع القوى .
نعم انها ليست طريقة جديدة ومبتكرة للاستحواذ وسرقة نضال شعب كامل ... وتسخيرها لأقامة جمهورية اسلامية على غرار جمهورية الايرانيين الغارقيين حتى النخاع في الظلم والقهر والاستبداد ومصادرة الحريات.
إن مصر الأن أصبحت كمحرك سيارة اختلط فيه الزيت بالماء بالوقود، والمحرك مازال ظاهرياً يدور، لكن بلا قوة دفع أو جَرِّ حقيقية.. هي تتظاهر بأنها تعمل، وربما اعتقد البعض بالفعل أنها تعمل، لكن أي عمل هذا، وهل من الممكن بالفعل أن يذهب بنا إلى أي مكان ؟!
يبدو وكأن النظام الحاكم يعرف جيداً ما يريد، وأنه قد حدد بدهاء أنجع الأساليب لتحقيق هدفه، وهو البقاء متربعاً على كرسي السلطة مهما كان الثمن، حتى لو كان سوف يجلس في النهاية على كومة من الأنقاض.. ويحكم ويتحكم في أنقاض أمة.. في سبيل الوصول لهدفه في البقاء والتمديد، هو مستعد لترك الشعب المصري نهباً للفاسدين وللمجرمين والإرهابيين وقطاع الطرق. . لا وقت ولا متسع لديه لحماية أمن مصر وحدودها، وفتح الباب على مصراعية لعصابات حماس وحزب الله وإيران وهي تدق بأياديها الملوثة بالدماء أبواب مصر.
إن مصر الأن أمانة ينتهبها فكر وتنظيم أخطر جماعة عرفها تاريخ الإنسانية الحديث.