مَن هو هذا الذى لم يدرك -حتى الآن- إلى أين نتجه؟! ومَن الذى لم ير أخطاء المشهد السياسى، وحماقات نظام الحكم المتتابعة، بعد مرور ٧ أشهر فقط من فترة رئاسة مرسى؟! ومَن منا لم يتعذب ويتألم ويعانى من مشاهد الاغتصاب والقتل والتعذيب والضرب والسحل وسفك الدماء المتواصل سواء فى القاهرة أو فى المحافظات؟!
وثمة انهيار اقتصادى خطير، واحتقان سياسى مدمر، وتدهور أخلاقى مفزع، مع إصابة غالبية الناس بحالة نفسية سيئة، وشعور بالضياع واليأس والإحباط. كل هذا حدث فى خلال شهور قليلة! ومن العجيب أن جماعة الإخوان تتهم «جبهة الإنقاذ الوطنى» بتخريب البلد! فمن هذا الذى يتصور أن قيادات هذه الجبهة، أو أعضاءها جميعا يمكن أن يصنعوا كل هذا الذى نحن فيه؟!
وكذلك يلقون بفشلهم الذريع على الفلول تارة، وعلى المؤامرات الخارجية تارة أخرى، دون أن يسألوا أنفسهم: حتى لو صدقت هذه الادعاءات، وهى بلا دليل، فمن الذى أعطاهم الفرصة تلو الأخرى ليعبثوا هكذا بأمن البلد؟!
إن تتابع الأحداث المؤسفة، خصوصا ما حدث فى الأيام الأخيرة من قتل وحرق وسحل وعنف وتدمير، أوصلنا إلى مفترق طرق، فهل ثمة من يرى أننا بين طريقين واضحين، ولا ثالث لهما؟ فإما أن تُكمل جماعة الإخوان السير فى طريق الاستحواذ على كل شىء فى البلد، وتمكين أفراد الجماعة وأتباعهم، وتثبيتهم فوق مقاعد السلطة، بغض النظر عن كفاءتهم وخبراتهم وقدرتهم، مع استبعاد الخبراء المؤهلين من التكنوقراط والتيارات السياسية الأخرى، ودون أى حل سياسى لأزمتنا المستحكمة، وهذا هو طريق الندامة بالنسبة إلى جماعة الإخوان، وسيقضى تماما على حاضرهم، ومستقبلهم السياسى.
وإما أن يُدرك الرئيس مرسى، ومحمد بديع، وخيرت الشاطر، وغيرهم من قيادات جماعة الإخوان، أنهم يسيرون فى الاتجاه الخطأ، فيتوقفون عن المضى قدما فى هذا الطريق المدمر، ويتوجهون إلى الطريق الآخر، القائم على المصالحة الوطنية، وتجمع كل القوى السياسية، على مائدة حوار جاد، يسعى لخلق توافق وطنى حول قواعد اللعبة السياسية، من خلال تعديل مواد الدستور المعيب، وإصلاح عيوب قانون انتخابات مجلس النواب، وحل مشكلة النائب العام، وغيرها من المشكلات الكثيرة المتفاقمة.
وهذا الطريق (الآخر)، يُعد انقلابا دراماتيكيا فى منهج جماعة الإخوان، وفى طريقة تفكيرها، ومن ثم فاحتمال تغيير فكرهم، وتعديل خط سيرهم، وتطوير أسلوبهم القديم، القائم على السمع والطاعة، كأعمى يقود أعمى، يكاد يكون منعدما! خصوصا أن قيادات الجماعة جميعا، من كبار السن المتشبثين بأسلوبهم العتيق فى العمل والتفكير.
وهكذا يبدو أننا سنظل نسير فى هذا الطريق المظلم، وهذا بالتأكيد ضد مصلحة الجماعة، لكنهم لا يرون مصلحتهم، لأن بريق السلطة أعمى عيونهم، ومن ثم سنمضى جميعا إلى مصيرنا المحتوم!
لكن هل هذا المصير فى مصلحة شعبنا الصبور وفى مصلحة الوطن؟ لعل الإجابة تكون نعم، فهذه مرحلة ضرورية من تاريخنا، وعلينا أن نعبرها قبل أن نبنى مصر الحديثة.