العزيزة أنا... أنهيت خطابي الأخير إليك بتساؤل عن ماهيتنا، وظللت أفكر حقيقة من نحن؟ اقول لك، نحن نساء نحارب منذ اللحظة الأولى التي نرى فيها الحياة، ولدنا في مجتمع يرى المرأة عارا والحرية قلة حياء، يدعون أننا حرائر وما نحن بذلك عزيزتي، فبعمرها ما كانت الحرية مشروطة، انما نحن مقيدات، مقتادات إلى واقعنا المفروض علينا، ومستسلمات إلى واقع المشانق الذكورية الملفوفة على أعناقنا تشدنا وتعصر أنفاسنا إذا ماحاولنا الخروج عن الحدود المرسومة، وأبصارنا في السماء شاخصة تبحث عن الذنب الذي اقترفناه، فتأتي الاجابة " عزيزتي لقد أخذنا عدل الله واستكثره علينا البشر". حقيقة لماذا يهابوننا كل هذا؟ مايخاف من القوي إلا الجبان، ومايتجبر إلا كل ضعيف مهان، وبعمرها ما كانت تلك شيم الرجال، فالكون منذ خليقته الرجل والمرأة متحدان، فماذا حدث؟. يدعون أنهم أعطونا حريتنا في التعليم والعمل والمساواة، فوالله ماكانت هبة ليعطوننا اياها انما حق أصيل لنا استرددناه بعد حرب دامية، وحتى بعد كل هذا الوقت والتقدم مازالت الأعراف والتقاليد تحكمنا، مازالت المرأة لهم هي مصدر الشرف والعار، مازالت السلطة الذكورية تقيدنا من أب إلى أخ إلى زوج وأعمام، مازالت المرأة تختنق عزيزتي في ظلمات قبرها المرسومة حدوده، مازال عملها وعلمها بمثابة تهديد لحكمهم وسطوتهم. أتعلمين أنهم أغبياء، يقولون أننا الحلقة الأضعف وما رأيت بحياتي قوة مثلما هي في معشر النساء، تحارب لتعليمها وعملها وطموحها، تتزوج وتعمل وتنجب وتربي، تدير عملها ومنزلها، حتى ذلك الرجل الذي يدعي قوته عليها فوالله ماقوته إلا منها، واذا أرادت أن تجعله طائعا وتغريه بحبائلها لفعلت، ولكنها أدهى وأعقل من ذلك، هي تعلم جيدا أن جمال العقول أعلى مكانة وشأنا من جمال الأجساد الذي اختزلوها فيه هي لا تريد الحرب مثلما يفكرون، انما حقوقها وحلمها بمجتمع أفضل لنا وللأجيال من بعدنا. لن أطيل عليك في قضية حقوق المرأة حتى لا تملين سطوري، سأحكي لك عن أخر عمل فني شاهدته مسلسل سوري اسمه "حرائر" وكأنه مناسب لموضوع الخطاب، حسنا لا تضحكين لقد كان تصادفا لا غير. لن أكذب عليكي لقد حلت غصة على قلبي بعد مشاهدته، كيف حاول المجتمع والاحتلال العثماني قمع المرأة واستغلالها وتهديدها بأطفالها وشرفها، حتى الأديبات لم تسلم من تطاولهم وطعناتهم هن وكل من يحاول نيل حريته أو حرية بلاده، لقد حاربت المرأة ياعزيزتي على كل الجبهات وفي كل الميادين لم تخجل ولم تمل ولم تضعف بل كانت مثل الوتد يستند الكل عليه ويستريح ولا تكل هي ولا تتعب. كيف استطاعت المرأة نيل حريتها واقتناصها من ضلوعهم في ذلك العصر البعيد وكيف اصبحت الآن، لقد خذلنا أمهاتنا الأوائل ممن حاربن ليجعلوا لنا اليوم قائما وما كان منا الا أن استسلمنا ووقفنا مهزومين في منتصف الحرب. عزيزتي قفي وارفعي رأسك أتعلمين من نحن؟ نحن المحاربات الغاليات نحن المؤنسات شقائق الرجال، نحن الحرائر، فافخري ولا تستسلمي، ولا تجعليهم يرددون بأن أكبر عدو للمرأة هي المرأة نفسها، حقيقة لماذا يضربون بهذا المثل؟ سؤال سأرد اجابته في رسالتي القادمة، وإلى أن نلتقي دمت بخير عزيزتي... شيماء احمد 2 أبريل 2020