عندما اعلنت وكالة ناسا عن إعصار مدارى غير مسبوق وعلى غير العادة سيتكون على شواطيء الاسكندرية ، ثم يتحرك تجاة بعض المحافظات الساحلية ، والمهدد بشكل كارثى لسكان هذه المناطق ، والمتوقع ان يترك اضرار لا حصر لها .. انتابتنى مشاعر مختلطة بين الخوف على اهالينا واصدقاؤنا فى تلك المناطق وبين مشاعر الشغف لمعرفة ما سينتج عنه وطرق مجابهت وعلاج هذه النتائج وبين الشعور بالفزع من احتمالية حدوث شلل تام لدولة تحاول التعافى من نتائج اعاصير سياسية ومادية وفكرية لا تقل خطورة عن الاعاصير الطبيعية التى تهدد بلدنا بدون سابق انذار . وانا غارقة فى التفكير كالعادة فيما يحدث وما سيحدث واذا بردود افعال الناس توقظنى بصفعة قوية كى اعيد النظرللأمور بشكل مختلف .. فرغم تحذيرات وكالة ناسا ، ونفي الأرصاد الجوية ، وتداول الاخبار على مواقع السوشيال ميديا، وجنون التهويل من المتشائمين ، وخمول التصريحات من المسئولين ، كان الشعب وكالعادة خارج كل هذه الحسابات !!! فكان الملفت للنظر كم السخرية من الاعصار والتقاط الفيديوهات والصور السيلفى مع المنخفض الجوى على حد وصف الارصاد الجوية. واصبح ورود اخبار انهيار المنازل بمدينة الاسكندرية نتيجة كثافة الامطار بسبب الاعصار المزعوم تتوالى وتمر مرور الكرام كما توالت اخبار وفاة بعض الأطفال نتيجة الصعق بأسلاك وتوصيلات اعمدة الانارة العارية كما لو كنا نعرض فقرة حدث فى مثل هذا اليوم !! وما اكمل الطينة بله كما يقال فى المثل المصري الشهير انه عندما مر المنخفض الجوى والذى لم يصل لحد الإعصار المدمر شعر الشارع المصرى بالإحباط والحزن لعدم اكتمال السيناريو وحضور هذا الحدث المأساوى حتى نهايته وتوثيقه والتندر عليه وعمل تريندات عاليه المشاهدة للفيديوهات والافيهات وخلافة . وكأن الكائن المصري المبهر اصبح ينتظر التغيير اى تغير حتى وان كان مدمر !!! ويلهث وراء الأخبار الجديدة والملفتة حتى وان كانت محزنة .. وكل الأمور جد كانت او هزل اصبح ينتظرها فقط من باب التسلية ولم يعد هناك مشاعر حقيقية بالحرص او الخوف او الاستعداد للمخاطر . اصبحنا ننظر للتغيير من باب المرح والدعابة حتى وان جاء في صورة إعصار مدمر يقتلع الأخضر واليابس والذى كان فعليا كان على الأبواب ثم خزل الجميع وانزوى واصبح إعصار مؤجل .