ولم تكن نظرته إليها تتغير بمرور السنوات، أو مع تغير أحوالها، كان دائمآ هناك يراقبها فى صمت و هى تشغل حيزآ من باله و تفكيره و حديثه. فمنذ لقائهما القدرى الأول و هو يعرفها و كأنه يعلم الكثير عنها، كان ينتظر أن تتكلم و تتحدث لتعرف عن نفسها و كأنها تنطق و تأكد له ما يعرفه، فكم كانت تشبهه و تشبه ما يحبه كثيرآ. كان يستمع إلى صوتها و حديثها فى صمتها و يتوغل إلى أعماق أعماقها. و كان يتغافل عن أخطائها، و يفعل الكثير مما يحلو لها. و كان يستطيع أن يشعرها بالأمان رغم بعادها، فلم يجعل للحدود أو المسافات معنى فى حياتها. و كانت تحلق بقربه بعيدآ مع أفكارها، و تتواصل مع نفسها، فينبض قلبها فى سماء الخيال على نغمات تبتهج بها روحها عند سماعها. و كانت دائمآ تلجأ إليه عندما تواجه الصعاب فى أيامها ، فيداويها و تنسى هى شأنها. كانت تسقط فيبدل وهن و حزن قلبها و كان يعلم الكثير عن ظلماتها و لكنه دائمآ بقربها يحميها فى تناغم من العالم و من نفسها.